أماني مأمون

عن كاتبة المقال:

محامية حرة، وإحدى مؤسسات “جنوبية حرة” التي بدأت مبادرة مستقلة، وأضحت فيما بعد أول مؤسسة نسوية في جنوب الصعيد وتحديدًا في مدينة أسوان.

خريجة المدرسة النسوية بمؤسسة نظرة للدراسات النسوية.

قرويتي ترهقني وترهق كثيرات غيري من بنات القرى اللاتى يحلمن بمستقبل مختلف عن باقى القرويات، قرويتى ترهقنى لأنه يجب علي أن اتحمل ويلات وجودي فى هذه القرية وخاصة أنها من قرى الصعيد التي تحتضنها سلاسل جبال البحر الأحمر، قرى قاسية بطبيعتها الحارة والمسافات البعيدة عن باقي المحافظات، مرهقة لي في التعليم وأخذ الفرص، بل وفي التحرك مما يزيد من آلمي وحرماني من التواصل والتحرك دائمًا، وكذلك حرماني وحرمان الكثيرات والكثيرين من الدخل، لفقر محافظتنا ليس فقر في الموارد ولكن فقر في التصنيع الذي يبني ويساهم في تقدم المجتمعات ويساعد فى تغير نمط حياتهم.

كما يزيد من متاعبي بُعدها عن العاصمة وحرماننا من كل الفرص، وعلى الرغم من كل ذلك، أحاول جاهدة التعلم والعمل والتحرك والتنقل، لكي أحقق أحلامي وآمالي مما يزيد من متاعبي، فيحب علي أن أعمل ساعات متواصلة منذ الصباح الباكر، حيث البيوت متسعة ومرهقة في التنظيف والأعمال المنزلية والواجبات العائلية، هذا ليس اختيار ولا امتلك رفاهية الاختيار، ففي مجتمعاتتا تتحمل الفتيات والسيدات الكثير من الأعمال والمسؤوليات.

لقد وجدت نفسي مكبلة بالأعباء والواجبات مما يزيد من معاناتي ويعيق تواصلي مثل رفيقاتي بالمدن، لدي أحلام كثيرة وطموح أكثر، ولكن المسؤوليات على عاتقي كثيرة جدًا، لن تستوعبها إلا قروية مرت ومازالت بهذه الظروف، مما تسبب في تأخري بسبب المجتمع والظروف التى أعيش فيها، وأدفع جزءًا كبيرًا من تقدمي بل وصحتي وطاقتي، وتسبقني الأخريات ليس لأنني أقل ذكاءً أو خبرةً وإنما بسبب ظروف المعيشة والحياة.

أنا القروية ومثلي كثيرات من بنات القرى، لدينا آمال وطموحات ونمتلك القدرة على النجاح والتقدم والتواصل، ولكن قرويتنا ترهقنا.