تابع كثير من المصريين بشغف مشاركة اللاعبات واللاعبين المصريين في مختلف منافسات أولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل، التي أقيمت في الفترة من 5 أغسطس وحتى 21 من الشهر نفسه، شارك في هذه الدورة أكثر من 12 ألف رياضي من 205 دولة، فيما شاركت مصر بأكبر بعثة على مدار تاريخ مشاركاتها بالأولمبياد  بواقع 121 لاعبةً ولاعب، بينهم 37 لاعبة.

بدأت مشاركة النساء في منافسات الأولومبياد منذ دورتها الثانية في عام 1900 التي أقيمت في باريس، بينما اقتصرت الدورة الأولى على اللاعبين الرجال فقط.

مشاركة النساء في الدورة المنتهية منذ أيام، تنوعت بين السباحة ورفع الأثقال والمصارعة والرماية وسباق الدراجات والغطس والتجديف وغيره من الألعاب الأوليمبية.

قائمة اللاعبات

وضمت قائمة المشاركات الــ37 كل من؛ فاطمة الشرنوبي في ألعاب القوى، وفي كرة الطائرة الشاطئية دعاء معوض ودعاء الغباشي، وفي السلاح هناك نورا محمد وندى حافظ، وفي الغطس يأتي كل من؛ مها خالد ومها عبد السلام، وفي السباحة فريدة عثمان وريم قاسم، وفي الرماية شيماء حشاد وهدير مخيمر وعفاف الهدهد، وفي تنس الطاولة شاركت دينا مشرف ونادين الدولتلى ويسرا عبد الرازق، وتأتي سارة سمير وشيماء أحمد وإسراء السيد في رفع الأثقال، أما التايكوندو، شاركت هداية أحمد وسهام الصوالحي، وبالنسبة للمصارعة نجد سمر عامر وإيناس مصطفى، وفي رياضة القوس والسهم شاركت ريم منصور، وفي الخماسي الحديث هايدي مرسي، أما ابتسام زايد فتأتي ضمن منافسات الدراجات، وفي التجديف نادية نجم، ومنة الله حسن في رياضة الزوارق، ثم يأتي الجمباز الفني بمشاركة شرين الزيني، فيما ضم فريق السباحة التوقيعية تسعة لاعبات، هن؛ سامية أحمد، ودارا حسنين، وناريمان عبد الحفيظ، وليلة عبد المعز، وسلمى نجم الدين، وندى سعفان، ونهال سعفان، وجومانا المغربي ونور الأيوبي.

سارة سمير  وهداية ملاك.. ميداليتان من ثلاث حفظوا ماء الوجه

بين الــ37 مشاركة، نجحت اثنتين في اقتناص ميداليتين برونزيتين، وهما سارة سمير في رفع الأثقال، ولم يكن صغر سنها الذي لم يتجاوز الـــ18، عائقًا أمام مشاركتها في المنافسة على وزن الــ 69 كيلو جرام، محققةً 6 محاولات صحيحة بمجموع 255 كجم.

هي أصغر بطلة مصرية ترفع اسم مصر للتتويج، وفي الوقت نفسه ميداليتها أول ميدالية مصرية في هذه الدورة، ثم لحقت بها هداية ملاك لاعبة التايكوندو التي فازت بالبرونزية أيضًا بعد سلسلة من الإخفاقات بين اللاعبين المصريين أفقدت المصريين الأمل في ميدالية ثالثة، بعد اثنتين فقط في رفع الأثقال، إحداهما لسارة والأخرى للبطل محمد إيهاب.

سارة-سمير-رئيسية-600x366ميدالية “سارة سمير” تكشف إزدواجية السلطات المصرية

كيف تدمر “البيروقراطية” أبطالنا؟

تعد سارة سمير أصغر لاعبة رفع أثقال مصرية، فقد مارست اللعبة وعمرها 11 عامًا، وهي ابنة مدينة الإسماعيلية التي طالما حلمت أن يشاهدها والدها لحظة إحرازها ميدالية في الأولمبياد، ولكن القدر حال دون ذلك، بعدما توفي السنة الماضية.

فازت “سمير” بعدد من الميداليات في بطولات مختلفة قبل نيلها برونزية الأولمبياد، أبرزها بطولة أفريقيا للناشئين فى رفع الأثقال لوزن 36 كجم، وأولمبياد نانينج للشباب بكازخستان في عام 2014، وبطولة العالم للناشئين التي أقيمت فى بيرو الأمريكية في عام 2015.

وبعدما حصدت الميدالية البرونزية في أولمبياد ريو 2016، وقرر خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة، صرف مكافأة قدرها نصف مليون جنيهًا لها – لم تتسلمها حتى الاَن- وكرمتها جامعة قناة السويس، وسط تلاحق الاحتفالات بها داخل مدينتها الإسماعيلية، على الجانب الاَخر، تتعنت ضدها وزارة التربية والتعليم وتتمسك بموقفها بشأن امتحانات الثانوية العامة التي لم تستطع أن تؤديها لظروف سفرها والمشاركة فى البطولة.

Weightlifting - Women's 69kgوأكدت “سمير” أنها طالبت بعقد لجنة خاصة لها داخل السفارة المصرية بالبرازيل، لأداء الامتحان ولكن لم يجيبها أحد، وهي مازالت حتى الاَن تبحث عن سبيل لإعادة امتحاناتها حتى لا تضيع السنة الدراسية عليها، ويأتي ذلك ضمن أمور كثيرًا، تحدث الفجوة الواسعة بين مصر في صناعة ودعم أبطالها والدول التي نال لاعبوها عشرات الميداليات.

وهنا لابد أن تذكر قصة بطل رفع الأثقال “خضر التوني”، الذي شارك في أولمبياد برلين عام 1936، وحقق الميدالية الذهبية، وارتفع عاليًا قتذاك على أرض ألمانيا علم مصر، واستقبله ” هتلر” وقال له “أهنئك، ولمصر أن تفخر بك، أرجو أن تعتبر أنك هنا في ألمانيا بلدك الثاني، وددت لو كنت ألمانيًا.”، لكن كل ذلك لا يؤثر على البيروقراطية المصرية المتوغلة حتى النخاع منذ زمن، إذ فوجئ البطل المصري عند عودته أنه قد فُصِل من وظيفته الحكومية، إثر تغيبه عن العمل.

هداية ملاك ..  بالخط العريض “لا تستهينوا بالفتيات”

هي ابنة نادي الصيد المصري، تمارس التيكوندو منذ بلغت الــ10، أي قبل 13 سنةً من الاَن، شاركت في منتخب الناشئين للتايكوندو حتى وصلت لمنتخب الكبار، وفي العديد من المنافسات والبطولات العالمية كان لها حضور وثقل.

وفي جعبتها العديد من الميداليات منها؛ الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الإفريقية بموزمبيق وميدالية فضية في دورة الألعاب الإفريقية في العام  2012 وميدالية برونزية في البطولة الإفريقية التي استضافتها مدغشقر في العام نفسه، والميدالية الذهبية في بطولة العالم للجامعات في وزن تحت 57 كيلو جرام، التي استضافتها كوريا الجنوبية في 2012 ايضًا ، والميدالية البرونزية في منافسات السيدات في التايكوندو وزن 67 كيلوجرام، في دورة ألعاب البحر المتوسط في يونيو 2013، ثم الميدالية الذهبية في بطولة الأقصر الدولية في فبراير 2014، والبرونزية في بطولة استراليا المفتوحة، والذهبية في بطولة الفجيرة التي استضافتها الإمارات في فبراير الماضي.

وفي بطولة إفريقيا للتايكوندو ببورسعيد، تنازلت طواعية عن الفوز للاعبة المغربية “رجاء قماش” من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك بعد عدم حضور متنافسين أمامها، ففضلت اللعب أمامها شرفيًا، ومنحتها الفوز رياضيًا بينما نالته هي إنسانيًا.

https://youtu.be/4-2aGLt5eXc

 

المصريات في ريو رفعن شعار “نعم نستطيع”

علاوة على فوز سارة وهداية، هناك فتيات أخريات أحرزن مراكز متقدمة ولهن حق في الدعم والمساندة أيضًا، فجميع الفتيات المصريات اللواتي شاركن في أولمبياد ريو، يعانين من نقص في الدعم الرسمي مثل كافة اللاعبين، ويفتقدن إلى الدعم المجتمعي نتيجة ثقافة تتنتقص من ممارسة النساء للرياضة في جانب كبير منها، ومن بين هؤلاء البطلات؛ شيماء خلف وإيناس خورشيد وفريدة عثمان وفريق السباحة الإيقاعية بأكمله.

2016-636068222521732487-173“شيماء خلف”.. الإصرار في أبهى صوره

لم يحالف الحظ بطلة رفع الأثقال “شيماء خلف”، ولم تتمكن من حصد ميدالية، بعد أن أصيبت بشد عضلي أثناء محاولتها رفع 169 كجم وسقطت أرضًا تمسك بالعضلة الخلفية لقدمها اليمنى، خلال منافسات وزن فوق 75، ولكن رفعت الرباعة المصرية وزن قدره 278 خطف ونطر للوزن المفتوح، أكبر من 75 كجم سيدات، ووصلت للمركز الرابع في الترتيب العام.

وصرح الجهاز الطبي للاعبة بعد اجراء الكشف الطبي عليها، بإصابتها بتمزق في العضلة الخلفية للقدم اليمنى.

إيناس خورشيد ..نموذج اَخر يؤكد تعنت الدولة مع الأبطال

CqEtOBiWgAA3SyWعادت “إيناس خورشيد” بطلة المصارعة الرومانية ولم تتمكن من الحصول علي الميدالية البرونزية بعد خسارتها أمام بطلة كازخستان فى مباراة الترضية لميزان 69 كجم بدورة الألعاب الأوليمبية، وأعلنت عبر وسائل الإعلام أنها عانت من ضغط شديد قبيل سفرها للمشاركة بالأولمبياد، بسبب ترددها المستمر على اللجنة الأوليمبية لكي تقدم طلبًا لسفر المدرب الخاص بالمصارعة النسائية إلى البرازيل – من المفترض أنه أمر طبيعي- لكن اللجنة ماطلت طويلًا، وعانت اللاعبة الشابة حتى أقنعتهم، وبعد تدخل وزارة الشباب والرياضة لحل المشكلة.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعد السفر فوجئت بعدم عقد معسكرات خارجية – تتم في أي دولة من دول العالم المشاركة بالأولومبياد – ولم تقم تلك المعسكرات حتى وقت متأخر، “خورشيد” ليست حالة فردية بل مثلها مثل أخريات كثر واجهن تقصير ومساندة ركيكة.

فريق السباحة التوقيعية “الباليه المائي” المصري.. إبهار يُنسَب لمجهودات فردية والدولة خارج “السياق”

14088447_1202691249762365_6871635347901689390_nأما فريق السباحة التوقيعية (الباليه المائي) الذي يضم 9 سباحات تتراوح أعمارهن بين 18 و21 سنةً، خطف الأنظار وجذب الأضواء، على الرغم من أنهن لم يحالفهن الحظ في الحصول على ميدالية، لكن حصدن المركز السابع.

وفي حوار صحافي لإحدى عضوات الفريق وهي “دارا حسنين”، أكدت أن الاهتمام الغربي بالسباحة التوقيعية يفوق مصر كثيرًا، وأن حجم المعاناة التي تقع على كاهلهن في مصر أكبر، لافتةً إلى ضعف الدعم من جانب الدولة.

جميع اللاعبات مدانات .. سواء حصلن على ميداليات أو لم ينلنها

واجهت المشاركات في الأولمبياد هجومًا بلا مبرر منطقي، ليس تعليقًا على المكسب أو الخسارة، ولكن بسبب الملبس.

التعليقات التي اجتاحت عالم التواصل الاجتماعي لم تعدُ في أغلبها إدانة ملابس اللاعبات في كل الأحوال، سواء ارتدين ملابس رياضية كمثل المعروفة للعالم أجمع أو ارتدين الحجاب.