“إن وضع حد للعنف المبني على أساس النوع الاجتماعي يتطلب تعاونًا بين أعضاء المجتمع المحلي وشرائحه كافة، فثمة وعي متزايد بأن الرجال بالشراكة مع النساء يستطيعون أن يلعبوا دورًا مهمًا في إنهاء العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي، وهذا الوعي قد أدى إلى زيادة البرامج والأنشطة التي تركز على أدوار الرجال الميسرة لمناهضة العنف.”

IMG_5233تأتي هذه الكلمات ضمن ورقة أعدتها الدكتورة “عزة كامل” مديرة مركز وسائل الإتصال الملائمة من أجل التنمية (ACT)، وكانت أساسًا للنقاش الذي دار في مائدة مستديرة عقدها المركز أمس، في إطار برنامجه “معًا رجالًا ونساءً من أجل تجريم العنف ضد النساء والفتيات”، وشارك فيها ممثلون عن منظمات المجتمع المدني، وعن وسائل إعلام إلكترونية ومطبوعة ومرئية.

وبدأت الجلسة باستعراض الجهود المبذولة من جانب منظمات المجتمع المدني بهدف تجحيم العنف ضد المرأة وإشراك الرجال في هذا المجال.

من جانبه لفت “أحمد حجاب” مسؤول وحدة المناطق الاَمنة بمبادرة “خريطة التحرش الجنسي” في كلمته أمام الحاضرين إلى صعوبة إدماج الشباب في مناهضة العنف ضد المرأة خاصة في القاهرة، مشيرًا إلى العوائق التي تواجه المبادرة في مخاطبة رؤساء المؤسسات الحكومية، إذ أنهم لا يستسيغون فكرة الاعتراف بالعنف ومناهضته داخل تلك المؤسسات.

فيما تحدث “محمد النجار” ممثل هيئة كير الدولية، على مستوى اَخر من إشراك الرجال في مناهضة العنف ضد المرأة، وقدم عرضًا مختصرًا لمشروع الهيئة الذي يستهدف سائقي التوك توك في مناطق مثل عزبة الهجانة ومنشية ناصر، وكيف نجح المشروع في إقناع السائقين بتعليق ملصقات تناهض التحرش مثل “توك توك أمان لا تحرش ولا إدمان”، وحقق ذلك التغير رواجًا لهم، وأضحت النساء أكثر ثقة في هؤلاء السائقين عن غيرهم.

في السياق ذاته، تحدث “النجار” عن مشروع الهيئة في شأن حرمان الإناث من الميراث في الصعيد، موضحًا أبرز العوائق التي تواجهها النساء سواء اجتماعيًا أو قانونيًا، وخطوات المشروع في إقناع الرجال بأحقية النساء في الميراث، ونجاحه في وقف “الرضوى” التي ترتكز على إعطاء ذويهن لهن قدرًا من المال بديلًا عن الميراث لضمان رضاهن بالأمر الواقع دون إثارة القلاقل.

أما “نيفين عبيد” العضوة بمؤسسة المرأة الجديدة، فقد خصصت كلمتها للحديث عن مشروع المؤسسة بشأن إدماج النساء في العمل السياسي، شددة على ضرورة وجود إرادة سياسية لتمكين النساء في مراكز صنع القرار، وتطبيق التمثيل النسبي أو الكوتة لضمان حضور النساء في المؤسسات الحكومية، وأجهزة الدولة، وحتى الشركات الخاصة.

البيوت الاَمنة أو دور رعاية المعنفات تعد أحد أهم وسائل حماية الناجيات من العنف، لمنع وقوعه عليهن، ومن خلالها يتلقين خدمات متكاملة صحية وقانونية ونفسية وتأهيلية.

وعن هذه البيوت، خصصت “أمل فهمي” مدير مركز للتدوين لدراسات النوع الاجتماعي، جانبًا من مداخلتها خلال الجلسة، وكشفت أن مصر تملك فقط 8 دور رعاية للنساء المعنفات، تديرها الحكومة في ظل غياب قوانين تنظم عمل هذه الأماكن، مما يعيق وصول المعنفات إليها.

أما عن إدماج الرجال في مناهضة العنف ضد النساء، فقد شددت “فهمي” على ضرورة تجنب عرض مشاكل المرأة من منظور فئوي، والابتعاد عن الحوار التوجيهي للرجال، من خلال جمعهم في غرف مغلقة ومطالبتهم بالكف عن ممارسة العنف ضد النساء، وهي طريقة غير مجدية في إقناعهم، مؤكدة أهمية الاعتماد على مناقشتهم من منطلق أن مشاكل النساء وثيقة الصلة بمشاكلهم.

أيضــــــــــــــــــــــــــــــــــــًا.. «البيوت الاَمنة» أداة مهمة في مواجهة العنف ضد النساء ..فماذا تقدم؟ وأين تتواجد؟

القسم الاَخر من الجلسة، تحول إلى الإعلام ودوره في مناهضة العنف ضد النساء، وتحدث في هذا الصدد الصحافيان “أحمد محمود” و”حسام الأمير”.

وأشار الصحافي “أحمد محمود” إلى أن التحرش الجنسي ظاهرة قديمة حديثة ولا تقتصر على مكان أو زمن بعينه، مستشهدًا بقصة عن رابعة العدوية وتعرضها للتحرش الجنسي.

واقترح “محمود” أن تخصص الصحف بابًا ثابتًا عن العنف ضد المرأة، من خلاله يُفضَح المتحرشون بعد ثبوت التهمة عليهم، بالإضافة إلى إفراد مساحة للتحقيقات الاستقصائية التي تركز على قضايا ومشكلات المرأة.

فيما اتهم “حسام الأمير” وسائل الإعلام بإغفال قضايا النساء عن عمد، وأبدى استياءه من فتور دعم نقابة الصحافيين للصحافيات.

واقترح “الأمير” تدريب الصحافيين العاملين على تغطية قضايا المرأة على قواعد التغطية السليمة مع مراعاة النوع الاجتماعي، إلى جانب دعم التجارب الصحافية الشابة المهتمة بقضايا النساء، مستشهدًا بــــ”ولها وجـــوه أخرى” نموذجًا.

وأردف قائلًا “لابد من إعداد مدونة سلوك مهني لضمان تغطية صحافية منصفة للمرأة وقضاياها، كما يتعين توجيه الوسائل الإعلامية للاهتمام ومتابعة شؤون المرأة طيلة شهور السنة وليس فقط خلال شهر مارس المعروف بكونه شهر المرأة.”

من جانبه شارك الدكتور “نبيل صموئيل” رئيس منتدى منظمات المجتمع المدني وعضو المجلس القومي للمرأة، بكلمة عبر خلالها عن رؤيته الحتمة للتشبيك بين أكبر عدد ممكن من المنظمات والكيانات التي تعمل على مناهضة العنف ضد المرأة لمواجهة التيار المضاد والمعادي لحقوق النساء، لافتًا إلى أن مصر في الوقت الراهن تعاني من غزوة سلفية برعاية “رسمية”.

واتفقت الدكتورة “عزة كامل” رئيس مركز Act مع “صموئيل”، في مسألة التكامل بين منظمات المجتمع المدني وضرورة العمل سويًا وتوحيد الجهود وليس التنافس، داعية الحاضرين إلى إرسال مقترحاتهم وتوصياتهم لمناقشات اَليات تفعيلها في الجلسات المقبلة.