أماني مأمون تكتب: الصعيد ما بين الدهب النار وجريمة الاختيار
عن كاتبة المقال:
محامية حرة، وإحدى مؤسسات “جنوبية حرة” التي بدأت مبادرة مستقلة، وأضحت فيما بعد أول مؤسسة نسوية في جنوب الصعيد وتحديدًا في مدينة أسوان.
خريجة المدرسة النسوية بمؤسسة نظرة للدراسات النسوية.
بعد تزايد مطالب المجتمع والاتجاه بالصعيد إلى إلغاء الشبكة الذهب، وهو قرار أبوي متسلط لأن بالأساس اختيار الشبكة وكيلو جرامات الذهب ليس اختيار العريس والعروس، ولكن اختيار العائلة، أما اَن الاوان أن ترفع العائلات أيديهم بالكامل عن الزواج، بداية من الاختيار.
اختيار العريس والعروس مطلب عائلي وليس مطلبًا شخصيًا، لأنهم هم من يختاروا ويقرروا هذه الزيجة من عدمها، وهم أيضًا من يقرر كم سيُدفَع فى هذه الزيجة، وهم من يقرر إنهاء الزيجة إذا تتطلب الأمر ذلك، وهم من يقرر الإنجاب وتحاسب الزوجة وتنبذ من العائلة بسبب الإنجاب ونوع الأطفال.
أين الأبناء والبنات وسط هذه الاختيارات، إنهم دمى تلعب بهم وبهن العائلات والقبائل.
هل لو تقدم لهم شاب من خارج عائلاتهم سيوافقون عليه أم تقام الحروب والنزاعات؟ هل ستوافق العائلة أن تكون شبكة ابنتهم من الفضة لأن الشاب بالفعل لا يقدر إلا على ذلك؟ هل سيكتفي الأهل بكتب الكتاب بدون قاعات ومطربين؟ هل سترضى العائلة أن تسكن ابنتهم بشقة أوضة وصالة ويكون من اختيارهم؟ هل ستتنازل العائلة عن القائمة؟
أرى الموضوع أكبر من كونه شبكة أو ذهب، الموضوع موضوع اختيارات، ولابد أن ترفع العائلات أيديها عن الأبناء والبنات.
والأغرب أن هذه المجتمعات تحرم البنات من الميراث، والذهب هو الإرث الوحيد لهن، ويخرجن من الميراث دون العمل بمبدأ التخارج صراحة “التخارج هو إﺧﺮاج ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺮاث وﺗﺮك ﺣﺼﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻛﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺷﻲء ﻣﻌﻠﻮم ﻣنها”، وفي النهاية الذهب وهو الذى يورث للبنات ولايوجد خيارًا اَخرًا، وقد لا يكون موازي لميراثها.
لابد أن يعلم الجميع عندما ترفض الفتاة هذا الاقتراح ليس لأنها بضاعة تُشترى، ولكن لأبعاد أخرى، ويجب حل هذه المشاكل والإشكاليات التي لها تأثير بعيد المدى.
وإنني استغرب كثيرًا من الشباب وفرحتهم بإلغاء الشبكة الذهب، مع العلم أن العريس والعروس ليس لديهما أي اختيارات، بل هي اختيارات العائلة فى العروس والشبكة والزواج والإنجاب والطلاق .. إنهم ليسوا بأحرار حتى يفرحوا هذه الفرحة!