«الميزان».. العمل الذي ضم النموذج النسائي الأكثر إيجابية في رمضان.. وفي الوقت نفسه جملة نساء غارقات في الخطايا
كتبت: أسماء حامد
منذ الحلقة الأولى، استطاع مسلسل “الميزان” أن يستقطب الجمهور، بسبب عنصر التشويق الذي اكتنفه.
اقتحم “المسلسل” عالم الجريمة والمحاماة، وخاض في ألاعيب رجال السياسية والأعمال من أجل المال، مع جرعة زائدة من انتهاك المرأة والإساءة إليها في هذا العالم، وصلت إلى استباحة دمائهن.
بدأ المسلسل بجريمة “قتل”، إذ تناولت أولى حلقاته جريمة قتل “دينا فهيم” التي تجسد شخصيتها “ياسمين رئيس”، ومن ثم اتهام زوجها رجل الأعمال “شريف مختار” ويجسده “أشرف زكي” بقتلها، وفي إطار التنميط المعتاد، أظهر المسلسل من خلال السرد أن الزوجة الثانية “دينا”، امرأة تحيطها الشكوك، وقد تزوجها “مختار” والفارق العمري كبير، منتهكًا حقوق زوجته الأولى “سميرة”، لنصبح أمام امرأة “خطفت راجل من مراته” وهي صورة شائعة قلما تتخلى عن تقديمها الدراما المصرية.
تتوالى الأحداث إلى أن يفاجأ الجمهور بإعدام “شريف مختار” بعد وصول المحامية الخاصة به “نهى” وتجسدها “غادة عادل” إلى دليل براءته، وتثبت أن الدافع وراء القتل هو لعبة من قبل رجال الأعمال وغسيل الأموال، بهدف إبعاد زوجها عن المشهد واستبداله باَخر.
“الميزان” هو مزيج بين الدراما المشوقة والأكشن، كما يعبر عن ظروف معيشة الطبقات المختلفة فى مصر، طبقة الأثرياء ويمثلها شخصيات؛ “جمال” ويجسده صبرى فواز، والمذيع التلفزيوني “عمرو أمين” ويقوم به أحمد فهمي، أما الطبقة المتوسطة يمثلها الشخصيات التي يجسدها؛ غادة عادل (نهى) وباسل خياط (خالد) والطبقة الفقيرة ويمثلها محمد فراج (محسن) ووالدته وزوجته ناهد السباعى (قمر).
المسلسل من تأليف بهاء دويدار، وإنتاج طارق الجناينى، وإخراج أحمد خالد موسى، وهنا يظهر الاحتكار الذكوري للأدوار الرئيسة خلف الكاميرا، فيما حضرن في أدوار مساعدة الإخراج “ياسمين العيسوي”، وإدارة مواقع التصوير لــ”نهاد صلاح”، وسكريبت ملابس “داليا المرغني”، والتصوير الخارجي كان لـــ”عائشة الشبراوي”، ومساعدة مهندس الديكور “سارة فرغلي”، ومساعدة ستايلست “وفاء علي”، وماكييرة “وسام الشرقاوي”.
“غادة عادل” تثقل الميزان
الشخصية الرئيسة بالمسلسل هي المحامية الشابة المجتهدة، “نهى رشاد” (غادة عادل)، التي نقلت صورة امرأة تتمسك بمبادئها في الدفاع عن الحق مهما كلفها، وربما في وسط عالم يعج بالخطايا والتسلط يحكمه القوة والمال، تكون مبادئها تلك سبب أزماتها، فتتعثر في القضايا التي تتولاها.
حياتها الشخصية تتأثر بمشاكلها في العمل بعد اكتشافها أن زوجها الضابط “خالد” خيط رئيس في قضاياها، وينتهي بها الأمر إلى الانفصال والطلاق.
وتمضي الأحداث وتتطور لنكتشف مزيدًا من التشابك بين الشخصيات، من خلال قضية قتل ابنة رجل أعمال وصاحب إحدى القنوات الفضائية تدعى “لينا جمال” وهي القضية التي تتمسك “نهى” بكشف لغزها والدفاع عن المتهم فيها “عمرو أمين” ومن ثم تنجلي الحقائق، ويكون الانتصار في النهاية للحقيقة.
“نهى” النموذج النسائي الأفضل خلال رمضان
عرض المسلسل استغلال القانون ضد حق المرأة في الحضانة، بعد أن استطاع “خالد” ضم ابنه لحضانته بعد تطليقه لـ”نهى”، وتمكن من حرمانها من رؤية ابنها، ومع كل محاولات كسر “خالد” لطليقته إلا أنها أظهرت قوة وإصرار على المضي قدمًا في طريقها لكشف الحقائق، ومواجهة كافة الضغوط من قبله ومن قبل المستفيدين من تغييب الحقيقة وراء الجرائم المتلاحقة، وبدت شخصيتها أحد أكثر الشخصيات النسائية قوة بين شخصيات كثيرة قدمت عبر 32 مسلسلًا عرضوا خلال شهر رمضان، بل إنها وفق رؤية وتقارير الجهات المعنية بتتقييم بصورة المرأة في الدراما، النموذج الأفضل والأكثر إيجابية.
وعلى صعيد الأداء التمثيلي، فقد استطاعت “غادة عادل” أن تجسد الشخصية بمهارة، وأثبتت تفوقًا لافتًا وفق أغلب المتابعات والقراءات النقدية للمسلسل، إلى جانب اَراء الجمهور التي عكستها مواقع التواصل الاجتماعي.
أيضـــــــــــــــًا.. «أزمة نسب» تنميط «فج» لصورة المرأة..دراما تخضع وتنبطح أمام أفكار المجتمع “الأبوي”
جرعة زائدة من العلاقات السرية والزيجات المتعددة والخيانة سمة عامة
“لينا” التى تقوم بدوها “هنا الزاهد”، هي مربط الفرس في مسلسل “الميزان”، فقتلها هو محرك الأحداث، وهي نموذج للفتيات المراهقات، اللواتي تسبب انشغال أسرهن عنهن في تورطهن في علاقات عديدة سرية، تدخل في واحدة وتخرج منها إلى الأخرى، السجائر والمخدرات ملاذ في حياتها هي وصديقاتها، وعن غير عمد تورطن في قضية قتل.
“لينا” تزوجت عرفيًا من الإعلامي “عمرو أمين” الذي يعمل بالقناة التي يملكها والدها “جمال الشربيني” وحملت منه، ويتضح أنها أقدمت على الإجهاض غير الاَمن، نظرًا لأن الإجهاض ممنوع ومجرم في مصر، ولا سبيل إلى القيام بذلك إلى في الخفاء وفي ظل مجازفة بالعمر.
تباعًا يظهر أنها دخلت في علاقة عاطفية حميمة مع المقدم “خالد”، زوج المحامية “نهي”، الذي ثبت فيما بعد أنه من قتلها.
الخيانة ارتكبها أغلب شخصيات المسلسل، فبالإضافة إلى السابقين، ارتكبها “جمال” والد “لينا”، فقد تزوج سرًا من امرأة أخرى بعد أن علم أن زوجته الأولى “وفاء” لن تنجب مجددًا.
أفكار ذكورية تعشش في عقول الرجال
لفت المسلسل إلى قضية نظرة المجتمع الذكوري للمرأة من منظور “الشرف”، فعندما سألت المحامية “نهى” موكلها “عمرو أمين” عن سبب رفضه الزواج رسميًا من “لينا” رغم حبه الشديد لها، فقال لاتصلح أم أو زوجة، وهي نظرة كثيرون من الرجال لشريكاتهن، اللاتي يقبلن بالدخول في علاقات حميمة خارج إطار منظومة الزواج الرسمي.
يبدو أن المسلسل انحاز للتصور المتجني على بنات الطبقات العليا، فإلى جانب “لينا”، قدم صورة النساء اللاتي يستسلمن لتعدد الزوجات، لعلة المال والوضع الاجتماعي مثل شخصية “سميرة”، وأيضًا “فريدة” خطيبة “عمرو أمين”، وبدت متسلطة ومغرورة وأنانية تعتقد إنها يمكنها التحكم في كل شيء وكل شخص لأن المال بيدها كالنهر لا ينضب.
“قمر” الفقر المدقع قد ينبت طمعًا
هي زوجة “محسن عبد التواب”، التي تعد نموذجًا سلبيًا على كل المستويات، شاركت زوجها العمل بالسرقة، ومن فرط طمعها، هربت بالأموال التي جمعوها سويًا، وتركته ومعه ابنتهما التي لم تلق لها بالًا، ثم تعود بعد فترة تحاول مخادعته واستغلاله مجددًا.
تتطلع لاقتحام عالم “الكبار”، وابتزازهم عبر فضائحهم، وأخفق المسلسل في أن يبرر لما وصلت الشخصية إلى ما وصلت إليه من قبح.