اختار الفنان “يحيى الفخرانى” و الكاتب “عبد الرحيم كمال” هذا العام نصًا مختلفًا عن السائد، وغردا في فضاء بعيد عن 31 مسلسلًا اَخرًا عُرِضوا على الشاشات خلال شهر رمضان،  قرر “الفخراني” لعب دور الشيطان الذي تجسد في صورة رجل خفيف الظل بشوش الوجه يدعى “ونوس”، وهو الذي حمل المسلسل اسمه.

13344648_465962843600968_8464174009482287567_n_1يرتكز مسلسل “ونوس” على الأسطورة الألمانية الشهيرة “فاوست” لــ”جوتة”، وقوامها الرئيس الصراع بين قوى الخير والشر، الإنسان والشيطان، وتحكي عن الساحر والكيميائي الألماني الدكتور يوهان جورج فاوست، الذي يُبرم عقدًا مع معاون الشيطان ليمنحه الثروة والخلود مقابل أن يبيع له روحه.

“فاوست” كانت ملهمة للكثير من الأعمال الفنية المصرية، ومنها؛ فيلم سفير جهنم، الذي عُرِض في أولى حلقات المسلسل أثناء تناول الأسرة العشاء إذ كانوا يشاهدونه، ويتحدثون عن الشيطان قبل أن يطرق “ونوس” بابهم، ليسهل الإدراك على المشاهد أنه هو الشيطان المقبل عليهم ليغير حياتهم ويقلبها رأسًا على عقب.
إغواء “أبناء انشراح”
“ونوس” الذي يمثل الشيطان أو إبليس يغوي “ياقوت” الذى جسده الفنان “نبيل الحلفاوي”، ومعه اتبع أهواءه وارتكب الكبائر، وترك زوجته وأولاده لمدة عشرين سنةً.

قدمت الممثلة “هالة صدقى” دور الزوجة “انشراح”، الأم التي هجرها زوجها فى ظروف غامضة، وتحملت والتزمت بتربية أبنائها الأربعة في مواجهة كل الصعاب التي تواجه امرأة وحيدة في مجتمع كالذي نعيش فيه، أولادها هم  “نيرمين” التي تقوم بدورها “حنان مطاوع” وهى امرأة مطلقة تشعر بالاضطهاد من الجميع وأم لطفل صغير ينادونه بــ”ياسو” يعاني من الشلل، و”محمد شاهين” فى دور”عزيز” و”محمد الكيلاني” فى دور “نبيل” وأخيرًا الابن الأكبر “فاروق” أو “الشيخ فاروق”، الذى يجسده “نيقولا معوض”، إلى جانب أبنائها، تولت “انشراح” تربية ابنة شقيقتها “دنيا” بعد وفاة أمها وتجسد هذا الدور “نهى عابدين” التي تعيش صراعًا داخليًا ما بين حبها لــ”نبيل” الأعلبينما القرار الأعلى بيد “انشراح”، وهي التي تقرر زواجها من “عزيز”.
يظهر “ونوس” فى الحلقة الأولى ويدعي أنه صديق والدهم منذ الصغر، يخبرهم أنه يعلم بمكانه، بعد أن ساء حاله، وأضحى يبيت ليله تحت أحد الكباري، ولأن والدهم لم يعد يعنيهم، استقطبهم بإخبارهم أنه يمتلك قصرًا يقدر بملايين، بينما وراء القصة المعلنة قصة خفية، عن اتفاق مبرم بين ونوس الشيطان وياقوت الإنسان، ومن هنا تتطور الأمور ويبدأ الصراع بين الأبناء والزوجة، ما بين العودة إلى حضن الأب والأموال، أو المضي في حياتهم كأن شيئًا لم يكن.

العنصر النسائي.. حضور “بلا تأثير” أمام الكاميرا و “ضعيف” خلفها
تدور القصة بشكل رئيس حول “ونوس” و “ياقوت”، ومن عند “ونوس” تبدأ الأحداث وتتحرك وتتقدم وتنتهي، وبالقطع لموهبة “الفخراني” الثقيلة، زادت الشخصية بريقًا، واستقطبت المشاهدين كالمغناطيس، فأضحت بقية الشخصيات، كمكملات لوجبة دسمة بما فيها الشخصيات النسائية.

1724060599784739110لأن غواية الإنسان بمفهومها التقليدي المنتشر لدى صناع الدراما، تتركز في النساء كأجساد، وتتمثل فيما بين علاقات جنسية، وسهرات بالملهى الليلي وسط الراقصات والركلام والخمور، لم يخرج المسلسل عن ذلك الحيز الضيق في رؤية النساء كأدوات رئيسة في جعبة الشيطان لتضليل وإيقاع الإنسان في فخه، على الرغم من أن هذه الرؤية تحمل قصورًا، وتنميطًا معتادًا في الدراما المصرية، إذ تقدم النساء معادلًا للغواية.

خلف الكاميرا، غلب الحضور الذكوري على مختلف الأدوار، وأبرزها؛ الإخراج لــ”شادى الفخرانى” والموسيقى التصويرية لــ”أمين ابو حافة “، والعمل هو التعاون الرابع بين “يحيى الفخرانى” والمؤلف “عبد الرحيم كمال”.
فيما ظهرت أسماء نسائية بشكل محدود في أدوار؛ المونتاج لــ”داليا ناصر” ومهندسة ديكور مساعدة “منى حامد” وسكريبت ملابس لــ”سارة فتحى” ومصممة ملابس “دينا نديم”  وسكريبت حركة “وفاء علي” و line producer  “سارة إبراهيم”.

النساء يجمعهن إما الضعف أو الطمع
قدم المسلسل عددًا من الشخصيات النسائية؛ “انشراح” و”نيرمين” و”دنيا”، و “هالة” زوجة فاروق، والراقصة “حياة” و ابنتها “معالى” والمذيعة “نهى” الزوجة الثانية لـ”فاروق” وضيفة الشرف “سوما” صديقة “انشراح” التي تحاول إقناعها بالزواج من “ونوس”، وجميعهن يتأرجحن بين الضعف والطمع، تتملكهن حالة ضبابية في اتخاذ القرار، وعدم وضوح الرؤية في الاختيار، الضعف أمام الظروف أو القوى المسيطرة عليهن، والطمع في المال برز لدى زوجتي “فاروق”.

أيضـــــــــــــــــــًا.. «فوق مستوى الشبهات».. بين التنميط والواقعية.. نساء تلاحقهن الشبهات وتقودهن الشهوات إلى الهاوية

“انشراح” .. عامل مساعد وليس محوريًا

هي الأم التي يتسلل عمرها هربًا، وسط شقاء وعتب، مسؤوليات بالجملة ينوء بها كاهلها بعد أن رحل الأب، هي امراة تشبه كثيرات من النساء المصريات، وهي الضمير اليقظ، الذي يتمسك بالخير عمادًا لاستمرار الحياة، وكما تبدو قويةً، متحكمةً، كثيرًا ما تفقد السيطرة على زمام الأمور، وينفلت العقد بعد دخول “ونوس” حياتها وأبنائها، ولذلك رغم واقعية الشخصية، لكنها لم تكن مؤثرة في سير الأحداث، وأغلب تحركاتها مجرد ردود أفعال إزاء ما يقوم به أبنائها، بوعز من “ونوس”.

“نيرمين” .. التنميط يتجلى

635959489213680729______________12_ على الرغم من أداء تمثيلي مميز لــ”حنان مطاوع” في تجسيدها لشخصية “نيرمين”، إلا أن الشخصية لا تعدو صورة المرأة المطلقة التي تشعر بالاضطهاد من كل المحيطين، تشك فى كل من حولها، حتى أقرب الناس إليها، تظن الجميع يحسدها ويحسد ابنها “ياسو”، وفي قالب اعتاد صناع الدراما تقديمه متجنين على المطلقات، ظهرت “نيرمين” امرأةً قاسية، تثير القلاقل، وتظن أن الكل يتربص بها، فتلجأ إلى السحر بعد وسوسة “ونوس” فتزداد اضطرابًا، وطوال الحلقات هي شخصية غير متزنة، كارهة لزوجها، تمنعه عن ابنها، وعلى الجانب الاَخر، يظهر الطليق رجلًا حنونًا عطوفًا، يحبه ابنه، ويبدو أكثر اتزانًا وعقلانية من “نيرمين”.

هل ستفرق “دنيا” بين الأخين؟

9-64“دنيا” أخذت من اسمها الكثير، فهي التي تتوه بين خيرها وشرها، تبدي براءةً أحيانًا وتنقلب كالعاصفة تبث شرورها، وتذلل الطريق لتحقيق انتقامها، هي التي تفرق بين الأخين.

هي فتاة تبدو مستكينة في البداية، تقرر مصيرها خالتها، تحب رجل وتُجبر على الزواج من اَخر، تقبل بالأمر الواقع، ولكن وهي تحمل بداخلها رغبة عميقة في أن تدمر علاقة الأم بابنها وعلاقة الشقيقين من ناحية أخرى.

عبارات
قال “ونوس” في أحد المشاهد لــ”نبيل”: “يعني مثلًا لو فيه بت وحشة رجليها معرقبة ومعصعصة ولابسالي بروح أمها ميكروچيب .. هتأذي مشاعرنا حرام ولا حلال ؟!! حرام .. إنما لو قمر بقي زي دنيا بنت خالتك تبقي ايه؟ .. حلال طبعًا”

وهي جملة مستخدمة في سياق غواية “ونوس” لـلشاب، لكنها في الوقت ذاته، تؤكد مجددًا على المحور المتبع في المسلسل، ويؤكد أن النساء طريق سقوط الرجل بأجسادهن.