الطموح ليس حكرًا على أحد، والإيمان بالذات أول خطوة في طريق النجاح، مهما كان الطريق مملوءًا بالعثرات، هكذا يمكنك أن تلخص ببساطة مسلسل “لهفة”، الذى تقوم ببطولته “دنيا سمير غانم”، بعد أن انفصلت عن طاقم عمل مسلسل “الكبير” بعد أربعة أجزاء هى شريك أساسي فيه، لكنها فى “لهفة” اختارت وراهنت على نفسها كبطلة أولى وبالفعل نجحت فى ذلك بعد أن حققت نسب مشاهدة عالية وحصد مسلسلها المركز الأولى فى الاستفتاءات كأحسن مسلسل كوميدى.

924296589801088

حضور نسائي لافت أمام الكاميرا
المحرك الرئيس في المسلسل هو العنصر النسائى، الذى يتمثل في الشخصية الرئيسة “لهفة” دنيا سمير غانم “، التي رسمت شخصية فتاة بسيطة، تعيش في ظروف فقيرة، تعتقد فى نفسها موهبتى التمثيل والغناء، تبحث فى كل درب عن مدخل لتحقيق حلمها الكبير بأن تصبح “فنانة” معروفة – وهى تيمة مكررة فى الدراما المصرية- وقد برزت بوضوح الشخصيات النسائية في حلقات المسلسل، سواء من خلال شخصية خالتها “ابتهال” والذى تؤديه الفنانة هناء الشوربجى، وهى ربة منزل، أرملة تعيش مع ابنها الوحيد، تعشق “الطهى ” وتتفنن فى ابتكار وصفات الطبخ معتمدة على برامج الطبخ المنتشرة مؤخرًا، وهى نموذج موجود بالفعل بين النساء المصريات، لكن ما يضاف للشخصية أنها تعتقد فى نفيها موهبة الطهي، وتريد أن تبرزها من خلال تلك البرامج.
إلى جانب ضيفات الشرف اللواتى كان أبرزهن، سماح أنور في دور والدتها المتوفية، والنجمات؛ رجاء الجداوى وإيمي سمير غانم، دلال عبد العزيز، نبيلة عبيد، منى زكى، يسرا اللوزى، إسعاد يونس، مرفت أمين، أمينة السيد.

أدوار الرجال، بداية من الأب ” الحلوانى” الذى يقوم به سمير غانم مرورًا بالأخوين “أيمن وعلى” وخالها “عمران” وابن خالتها” مرتضى”، جميعهم بصورة أو بأخرى يدعمون “لهفة” فى تحقيق حلمها.
المسلسل يصنف كوميديًا، وهدفه الرئيس إضحاك مشاهديه، لكن فى الوقت ذاته كونه يحمل اسم بطلة، تدور القصة فى فلكها، ظهرت جوانب أخرى أكثر عمقًا وصدقًا بين كل إيفيه، ومشهد ساخر لكن لم يلتفت إليها كثيرون.
فى كل حلقة لابد أن ترى “لهفة” تدخل تجربة جديدة، أغلب تلك التجارب، محاولات لإثبات الموهبة، ودخول عالم الفن من بوابة دور تمثيلي أكبر من بوابة الكومبارس الصامت.

غياب العنصر النسائي .. سيد الموقف خلف الكاميرا
لم تظهر أى أسماء نسائية على تترات المسلسل، في الأدوار المتعلقة بالتأليف أو الإخراج أو المونتاج أو الديكور أو التصوير.
فقد ظهر اسم “رفاء العويلى” كستايلست و”شروق مختار” كمنتج فنى، وغناء التتر كان لبطلته “دنيا سمير غانم”.

982431929558516المسلسل.. هل أنصف أشباه “لهفة” أم استغلهن كمادة خصبة للسخرية؟
اعتمد المسلسل على الحلقات المنفصلة المتصلة مما قلل من حالة الملل عند المشاهدات والمشاهدين.
أما عن الوسط الذي تدور فيه أحداث المسلسل فهو الطبقة الفقيرة، التي تسكن فى حى ومنزل بسيط و تدور أحداث المسلسل في قالب كوميدي حول “لهفة” التى تبدو فتاة بسيطة المظهر والشكل، وتُوصف من قبل قطاع –عنصري- بـــ”البنت البيئة”، الشخصية على صعيد المظهر تتفق مع الظروف المعيشية المحيطة بها لكن على صعيد ما يعتمل داخلها، فهى ثرية بالجوف، يغمرها الطموح بلا سقف محدد، تسعى بكل ما أوتيت من قوة، حتى تجد ضالتها، برزت كشخصية غير مصطنعة، ولامتكلفة، تثق فى قدراتها كممثلة ومطربة ودائمًا ما تصف نفسها بــ”الفنانة الشاملة”، مما ضاعف من إمكانية استغلال الطباع وأسلوب الكلام لتقديم مشاهد كوميدية كما هو متبع فى كثير من الأعمال الدرامية.

طوال حلقات المسلسل باستثناء الحلقتين الأخيرتين، لم تتجاوز “لهفة” حدود الكومبارس مثلها مثل والدها الذي عاش حياته كلها يتمنى الخروج من هذه الدائرة لكنه أخفق، “لهفة” كانت أشد ضراوة فى حربها مع الظروف، التي تعاندها مرة لأنها فتاة من مستوى منخفض اجتماعيًا، ومرة لأنها ليست جميلة بالمقاييس التقليدية التى تقتضي كثيرًا، الجسم اليافع أو الملامح الأوروبية أو اللسان الملتوى، ومرة لأنها بلا سند أو وساطة فقط ابنة لــ”كومبارس”.

919816731940955

رفض “لهفة” المستمر أن تكون نسخة طبق الأصل من والدها وإصرارها ألا يضيع عمرها وموهبتها هباءً، على الرغم من أنه وضع فى إطار كوميدى، إلا أنه يقدم نموذج امرأة تذلل عقبات الطريق تحت أقدامها ولا تفقد الأمل مهما واجهت من انتقادات وتسفيه لقدرتها أو انتقاص من موهبتها.
“لهفة” وضعت أقدامها على أول الطريق، بمساعدة والدها الذى اتهمته في النهاية بأن اسمه ووضعه فى الوسط الفنى كـ”كومبارس” أحد العوائق أمامها، تمكنت “لهفة” فى إطار كوميدى من بلوغ ما سعت إليه، ليتأكد أن المرأة قادرة على النجاح بما تملكه من عقل وروح وموهبة، متحدية “تسليع المرأة” الذى هو أحد أسهل الطرق لوصول المرأة للنجاح خاصة فى هذا المجال.
على الجانب الاَخر، اعتبر البعض تقديم شخصية الفتاة البسيطة على هذا النحو، وفي ذلك الإطار الكوميدى تعمد واضح للسخرية من بعض الفئات، وأنه ترسيخ لاستغلال طبيعة مثل هؤلاء الفتيات لإثارة الضحك والاستهزاء منها.

401231669820845

على مستوى الأداء التمثيلي
استغلت “دنيا سمير غانم” شخصية جسدتها من قبل فى فيلم “طير أنت” مع الممثل الكوميدى أحمد مكي وهى شخصية البائعة فى محل العطور، بسيطة الحال، التى تستخدم الإنجليزية – التى لا تتقنها- تطلعًا منها لمجاراة زبائن المحل من أصحاب المال والطبقات العليا، فلم تقدم جديدًا من خلالها سوى أن مساحة الشخصية اتسعت، والبيئة المحيطة اختلفت.
الكوميديا تمنع قراءة أى تفاصيل أخرى
فى ظل زخم واسع أحاط بمسلسلات رمضان، وتصنيفات عديدة اكتنفتها، اعتبر الجمهور مسلسل “لهفة” مسلسلًا كوميديًا وفقط، ولم ينظر أحد إلى أى جانب اَخر فيه.
وعلى الرغم من نجاح “لهفة” فى حصد لقب المسلسل الكوميدى الأفضل خلال شهر رمضان فى العديد من الاستفتاءات، قلما اهتم أحد بقراءة الجوانب الأخرى متمثلة فى صورة النساء المقدمة، وعلى رأسهن شخصية “لهفة”.