«متاحف المرأة» .. توثيق لتاريخها ودعم لنضالها .. أوروبا الأولى وأمريكا الجامع الأكبر والإمارات النموذج العربي الأفضل .. ومصر تكافئ «أول من حكمت في العالم» بقاعة صغيرة
تاريخ المرأة ودروها لا توثقه فقط الأوراق التي لا تتاح للعامة، وفي الأغلب لا يتمكن من الوصول إليها سوى فئة من المهتمين، هذا التاريخ الخصب توثقه بقايا الزمن، ودلائله الملموسة، بين أروقة تحفظ نضال النساء عبر العقود، تمثل ذاكرة مفتوحة للجميع.
“متاحف المرأة” نمط من المتاحف، يتميز بحفظ وجمع وتوثيق كل ما له أهمية تاريخية فى مسيرة النساء فى بلد أو ولاية أو محافظة.
المتاحف تتنوع بين الاَثرية، والتراثية، وذات البعد الديني، والعلمية، والنوعية، والأخيرة يندرج تحتها “متاحف المرأة”، التي تمثل موادًا توثيقية، تبرز عطاء المرأة في كافة المجالات، وتقدم بطرق مختلفة الدعم المادي والمعنوي والثقافي للنساء، من خلال إقامة دورات، وورش عمل، ومحاضرات، وندوات توعوية، ومعارض فنية، بالإضافة إلى استضافة وفود وخبرات أجنبية تساهم في التبادل الثقافي والمعرفي.
وتجدر الإشارة إلى أن فكرة متاحف المرأة بدأت في الغرب وتنتشر فيه، على نحو متقدم بدرجة كبيرة، بعكس الحال فى الوطن العربي، حيث محدودية العدد وضعف التجهيزات.
متاحف المرأة فى الولايات المتحدة
يكثر هذا النوع من المتاحف في مختلف الولايات الأمريكية، ومن بينها ولاية تكساس، حيث متحف راعية البقر الوطني Cow Girl Museum، الذي تأسس فى عام 1975، وهو الوحيد فى الولايات المتحدة المقام لتكريم نساء الغرب الأمريكي.
يضم المتحف قاعة للمشاهير، بهدف تكريم عدد من الكاتبات والفنانات ورائدات الأعمال، والناشطات، وراعيات البقر، ومن أبرزهن الفنانة الأمريكية “دال إيفانز”، التي لقبت بملكة الغرب، لتعدد مواهبها بين الكتابة والتمثيل والغناء.
وتشمل المجموعة الدائمة للمتحف أكثر من 3000 عمل فني، بداية من النحت وصولًا إلى لوحات التصوير الفوتوغرافي، وهذه الأعمال ترجع إلى القرن الـــــ16.
فى ولاية فرجينيا وتحديدًا منطقة فورت لي، يتواجد متحف الجيش الأمريكي النسائي، الذي افتُتِح في مايو 2001، وكان الهدف من إنشائه، الحفاظ على تاريخ النساء اللواتي خدمن في الجيش منذ الحرب الثورية وحتى اليوم، وهو المتحف الوحيد في العالم المخصص للنساء المقاتلات.
في دنفر عاصمة ولاية كولورادو، تأسس متحف نساء الغرب – Women of the West Museum – في عام 1991، وهو مؤسسة تعليمية يتتبع ويفسر تاريخ النساء ومساهماتهن في مجالات الثقافة المختلفة.
أما مقاطعة كولومبيا بالعاصمة واشنطن، فتضم المتحف القومي للنساء في الفنون، وتأسس فى عام 1987، وهو المتحف الرئيس الوحيد في العالم مخصص فقط للاعتراف مساهمات المرأة الإبداعية، من خلال تسليط الضوء على نساء بارزات من الفنانات في الماضي، وفي الوقت نفسه، دعم الفنانات الحاليين والترويج لأعمالهن،.
المتحف يقوم بشكل مباشر على معالجة اختلال التوازن بين الجنسين في عرض وتقديم الفنون في الولايات المتحدة وخارجها، ومحاولة ضمان توثيق لأعمال فنانات عظيمات وحفظ مكانتهن المشرفة.
أيضًا في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو، يوجد المتحف الدولي لنساء الطيران والفضاء International Women’s Air & Space Museum ، الذي تأسس في عام 1986 والهدف منه، الحفاظ على تاريخ المرأة في مجال الطيران والفضاء وتوثيق مواصلة مساهماتهم في الحاضر والمستقبل، ويضم معلومات عن النساء الطيارات مثل أميليا إيرهارت أول امرأة طيارة فى العالم، والنساء الطيارات في الجيش، واللاتي غامرن في السفر إلى حدود الفضاء الجديد.
في مدينة دالاس بولاية تكساس يوجد “متحف المرأة” الذي يوثق تاريخ المرأة الأميركية، وهو مقام على مساحة 6500 متر مربع، يضم مبنى للبرامج والمعارض، حيث يمكن للناس الإطلاع والتعرف على الماضي واستكشاف إسهامات المرأة على مر التاريخ.
ولدت فكرة المتحف في الأصل من قبل كاثي بونر في عام 1996، لكنه افتتح فى سبتمبر من العام 2000، ومهمته الأساسية إلهام وتثقيف وتحفيز الجمهور من خلال استكشاف نجاحات وخبرات ومساهمات وإمكانيات النساء.
يستخدم المتحف التقنية والإعلام التفاعلي لتوثيق دور المرأة في تشكيل تاريخ الولايات المتحدة ، وتشمل المعروضات جدار من الكلمات الملهمة التي نقلت من قبل النساء، والجداول الزمنية، والتحف التاريخية التي توضح كيف تعيش النساء وملامح التكنولوجيا الفائقة من قبل النساء الذين تركوا بصماتهم على التاريخ.
أغلق المتحف في 31 أكتوبر 2011، وذلك بسبب نقص التمويل.
متاحف المرأة في أوروبا
فى أوروبا، يوجد عدد ليس بالقليل من متاحف المرأة ولكنه ليس باللائق بالقارة الأوروبية، حيث تتمتع المرأة بقدر من التحرر والتقدم أفضل بكثير من نظيراتها فى القارات الأخرى، ولها تاريخ من النضال يستحق وجود متحف للمرأة على الأقل فى كل بلد هناك وهو غير متحقق.
تتركز متاحف المرأة فى أوروبا فى بلاد مثل؛ ألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، وأسبانيا.
ويعد “متحف المرأة” في الدنمارك الذي تأسس قبل أكثر من 30 عامًا، الأول من نوعه في العالم، إذ يهتم بتاريخ النساء وحاضرهن في الدنمارك، ويركز بشكل خاص على نضالهن التاريخي في سبيل المساواة والحرية.
ومن أبرز تلك المتاحف في أوروبا؛ المتحف النسائي في برلين، والذي شيد فى التسعينيات، وهي يعني بالأساس بدعم النساء الألمانيات، أيضًا يوجد المتحف النسائي الأيرلندي Women Museum of Ireland الذي تأسس عام في 2012، وبجانب أهدافه الثقافية والعلمية يهتم بأجيال المستقبل من الشابات ويدعمهن فى التقدم في مختلف المجالات الإبداعية.
عربيًا .. الوضع مزري
تندر متاحف المرأة فى الوطن العربي، وحتى الموجود منها، ليس على نفس درجة الإعداد والتجهيز الموجودة في الولايات المتحدة أو دول أوروبا.
الأكثر تطورًا في العالم العربي، هو متحف المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديدًا مدينة دبي، وهذا العمل الاستثنائي يعكس إرادة الدولة الحقيقية فى توثيق تاريخ المرأة – حتى لو كان قصير فى دولة صغيرة العمر – والحفاظ عليه من الضياع حتى يتذكر كل فرد فى الدولة دور المرأة فى بناء دولته.
تأسس على يد الدكتورة “رفيعة عبيد غباش” رئيس جامعة الخليج سابقًا والباحثة الاجتماعية، فى أكتوبر من العام 2014 بعد خمس سنوات من العمل على إنجازه.
ويعكس المتحف بقاعاته ومحتوياته الفنية دور المرأة القوي في مختلف مجالات الحياة ومساهماتها في العديد القضايا، بالإضافة لذلك، يهتم بكل ما يتعلق بجوانب حياة المرأة من فكر، وثقافة، وفنون، وآداب، وتراث، وتاريخ، ونمط وطقوس.
ويسعى المتحف للتواصل مع المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالثقافة والفنون وقضايا المرأة، لنقل صورة مغايرة عن المرأة الخليجية وتحديدًا “الإماراتية”.
في سوريا، أنشئ “متحف المرأة الوثائقي” فى عام 2009 في منطقة الزاهرة بالعاصمة دمشق، يضم معروضات من التراث المادي لنساء متميزات تركن بصمات في تاريخ سوريا، مثل؛ جوليا دومنا وزنوبيا ويشمل أيضا وثائق ومعروضات، كما يضم جناحًا للمجسمات الحية على شكل تماثيل صغيرة للمرأة وهي تقوم بأعمال مختلفة؛ تخبز، تزرع، تهتف في المظاهرات، إلى جانب ذلك يوجد جناح لاستعراض الأزياء الشعبية في كل محافظة من المحافظات السورية باعتبار الأزياء الشعبية جزءًا من التراث والفولكلور.
المتحف غير معلوم وضعه فى الوقت حالي فى ظل الحرب القائمة فى سوريا لأكثر من 5 سنوات حتى الاَن، خاصة أن التراث السوري طاله الكثير من الدمار خلال هذه الفترة.
أخيرًا، في مصر، الأمر يبدو مخزيًا، لأن الدولة الأقدم فى العالم، وامرأتها التي وصلت إلى الحكم قبل أن تنشأ أي دولة في العالم، يغيب عنها “متحف للمرأة”.
الغياب ليس كليًا، فيوجد في مصر تجربة، لكن لا تليق بنسائها، فالأمر يقتصر على قاعة في القرية الفرعونية بالجيزة، أُطلِق عليها “متحف نساء رائدات”، القاعة تعرض نبذات عن 70 شخصية نسائية مصرية وعالمية.
افتُتِحت القاعة في يونيو من العام الماضي 2015، وسط انتقادات واسعة بسبب وضع الصورة والسيرة الذاتية لكل من “سوزان مبارك” زوجة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك و “جولدا مائير” رئيسة وزراء إسرائيل السابقة ضمن الشخصيات النسائية المختارة.