«سينما المرأة» انقسام حول التعريف والاعتراف بها.. والواقع السينمائي يقر بوجودها
اختلف الكثيرون حول معنى ومفهوم واضح لمصطلح “سينما المرأة” فالبعض يذهب إلى تعريفها بأنها السينما التى تقدم أفلاماً تناقش المشكلات التى تواجه المرأة فى المجتمع بشكل عام وطرح معاناتها وأحياناً تحاول هذه الأفلام تقديم حلول واضحة للقضايا المرتبطة بالمرأة، والبعض الاَخر يرى أن “سينما المرأة” هى السينما التى تصنعها المرأة وتقوم هى بإنتاجها وإخراجها والتمثيل فيها بمعنى أدق أن تكون المرأة هى المكون الأساسى لهذا العمل بدءاً من القصة والسيناريو مرورًا بكل عناصره مراحله وحتى عرضه فى السينمات.
ولكن يظل السجال قائمًا دون الوصول لتفسير أو تعريف محدد، و واقعًا يتم إطلاقه مجازًا على الأعمال التى تدور حول المرأة ويكون فريق العمل يغلب عليه الحضور النسائي.
سينما المرأة فى مصر
فى السينما المصرية تعد أفلام مثل دعاء الكروان، الحرام، أريد حلًا، ولحم رخيص، تنتمى لسينما المرأة نظرًا لموضوعاتها الشائكة وطرحت على الملـء مشاكل مثل : قوانين الأحوال الشخصية و بيع البنات لرجال الخليج ” الزواج الموسمى” وقضية شرف الأنثى ومأساة الاغتصاب وحمل ما بعد الاغتصاب.
فضلًا عن أغلب أفلام المخرج الكبير “محمد خان” وهو يعد من رواد السينما المنحازة للمرأة والواقعية في التعبير عن قضاياها واَلامها، ويأتي من أبرزها؛ أحلام هند وكاميليا، بنات وسط البلد، شقة مصر الجديدة، فتاة المصنع.
وفى الفترة الأخيرة أفلام مثل : “678” أول فيلم مصرى يناقش قضية التحرش الجنسي صراحة و يفرد له كل تلك المساحة، وفيلم “واحد صفر” الذى ناقش من خلال شخوصه قضايا متعددة تتعلق بالمرأة وكان أكثرها جدلاً قضية قيود الطلاق بين أصحاب الديانة المسيحية وكيف تدفع ثمنه المرأة المسيحية ويسوقها إلى طريق الخطيئة.
أيضًا، يأتي ضمن القائمة فيلم “بنتين من مصر” للمخرج محمد أمين، الذي ناقش قضية سن الزواج المزعومة بين البنات المصريات وما يحيط بها من مشاكل نفسية ومجتمعية.
فيلم “احكى يا شهر زاد” للمرخج يسري نصرالله، ويتعرض إلى مجموعة من النماذج للمرأة المقهورة مجتمعيًا وأسريًا ونفسيًا وجنسيًا ويعكس مدى استغلال المجتمع بأطرافه كافة للمرأة بصورة مختلفة على رأسها الاستغلال الجنسي.
فيلم “أسماء” للمخرج “عمرو سلامة”، وهو أحد أهم الأفلام في قائمة الأعمال السينمائية ذات الطابع النسوي، إذ قدم بصورة واقعية شديدة التأثير، اَلام مريضة (الإيدز) النفسية مع المجتمع الذى ينبذها ويترصدها بالشك دائمًا.
من الإزدهار إلى التراجع
تراجعت “سينما المرأة” بشكل عام بعد عصرها الذهبي الذي انتهى مع نهاية السبعينيات، بعد أن غابت النصوص الدرامية التى تناقش قضايا المرأة الاَنية وحتى على مستوى صناعة الأفلام ، تجد البطلات المصريات فى تراجع أمام الأبطال الرجال بعكس ما كان من قبل حيث كانت الفنانات المصريات لهن سطوة غير مسبوقة على مسار السينما وعلى رأسهن الممثلة القديرة “فاتن حمامة” التى تعد أهم رمز لسينما المرأة عربيًا وأيضًا “سعاد حسني” و”ماجدة” و “نادية لطفى” التى كانت أول سيدة تتخرج من المعهد العالي للسينما في مصر.
من ناحية أخرى، السينما المصرية عرف لها أم وهى “عزيزة أمير” التى كسرت احتكار الأجانب للفن السينمائى فى مصر من مخرجين ومنتجين فكانت أول من أنشأ شركة إنتاج للأفلام العربية وقامت ببناء استديو لتصوير أعمالها السينمائية فأصبحت رائدة السينما العربية وهى أول مخرجة ومنتجة فى العالم بأسره وكانت أول من صنع “سينما المرأة” فى العالم.
وتلتها فى هذا المجال “بهيجة حافظ” ومن بعدهما “فاطمة رشدى” والمنتجة الأهم والأبرز فى تاريخ السينما ” اَسيا داغر”، ومؤخرًا يعتبر كثيرون أن المخرجة “كاملة أبو ذكرى” هى رمزًا لــ “سينما المرأة” ودراما المرأة بشكل عام فى الفترة الأخيرة.
يذكر أن الكاتبة الكبيرة المناصرة لحقوق المرأة ” إقبال بركة” أسست عام 1990 جمعية السينمائيات المصريات، واختارت منصب سكرتير عام الجمعية على أن تتولى رئاسة الجمعية الممثلة الكبيرة “ماجدة الصباحى”
مهرجان القاهرة الدولى لسينما المرأة
تشهد مصر سنويًا منذ العام 2008 مهرجان “سينما القاهرة الدولي لسينما المرأة”، وقد حصل على الصفة الدولية فى دورته السادسة العام الماضي، كان المهرجان يقام في نوفمبر من كل عام لكن إدارة المهرجان قررت تحويل موعده لشهر مارس المعروف بــ”شهر المرأة” في ظل احتفالات اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس من كل عام، ويوم المراة المصرية 16 مارس من كل عام.
ويعتبر المهرجان مبادرة مستقلة لتقديم أفضل الأفلام التي صنعتها نساء (مخرجات) وعرضت في أهم المهرجانات العالمية وتتميز بجودة فنية عالية وأساليب تعبير مختلفة ومتنوعة، وهو أول مهرجان لسينما المرأة يعقد سنويًا في العالم العربي، ويعد من أبرز الأنشطة الرائدة في مجال المرأة والسينما، ليس فقط في مصر بل في العالم العربي ككل.