قصة طبيبة لم تثنها جملة «هتضيعي مستقبله» عن التمسك بحقها فى معاقبة المتحرش
طبيبة أسنان، ثلاثينية، تكرس أغلب وقتها لعملها فى عيادتها الخاصة، التى تمتلئ يوميًا بأعداد من المرضى، وعلى الرغم من أنها من يداوي هؤلاء والمفترض أن يكون الامتنان والاحترام عنوان التعامل بين الطرفين، إلا أن حالة العبث التى اجتاحت مجتمعنا، جعلت من بعض الذكور ينظرون للطبيبة، بنظرة شهوانية باعتبارها امرأة سهلة المنال، وتستحق ذلك بل وعليها تقبله مادامت تعمل بمجال تحتك فيه بالرجال نهارًا وليلًا، وهو ما يسمح بتعرضها لذلك.
بعض المتواجدين فى العيادة من الذكور، يتفحصون جسدها، كل شبر فيه استباحته نظراتهم الشهوانية، فى المقابل، تلتزم الصمت، ربما لأن التحرش بالنظرة غير ملموس، أو لأنها تخشى على سمعتها فى مجتمع يقف فى صف المتحرش على حساب المتحرش بها، أو قد تكون ممن استسلمن لقبول التحرش باعتباره سمة عامة فى الرجال.
هذا المريض اختلف شأنه، فلم تستطع تحمل وقاحته، بدأ تحرشه بنظرة حقيرة تنهش جسدها، ولم يكف، فأطلق لسانه قائلًا “جميل جدًا العقد دا زي اللى لبساه”، فى البداية حاولت التمسك بوقارها وهدوئها، ودون أن ترتسم حتى نصف ابتسامة على وجهها، ردت وهى تجز على أسنانها “شكرًا”.
واصلت الطبيبة الشابة عملها، وقد كانت تخلع له درسًا، عندها انتهز فرصة قربها الجسدي منه، فأعاد قوله مرة أخرى، وهو يمد يده نحو ثديها، حينها بادرت بإمساكها ولي ذراعه، وصاحت بالممرض حتى يحكم قبضته على المتحرش، ويساعدها فى تقييده،وبالفعل قيداه، واتصلت بالشرطة.
تمكنت الطبيبة من عمل محضر لهذا الشخص، متهمة إياه بالتعدى عليها، فحُبِس على ذمة التحقيقات، لتفاجأ بمجئ أخت المتهم إلى العيادة، تطالبها بالتنازل عن المحضر، تستعطفه بحجة الخوف من ضياع مستقبل شقيقها الذى مازال طالبًا بكلية الحقوق فى السنة الرابعة.
فى حالات كثيرة مشابهة، تستجيب المتضررات، ويتنازلن عن حقوقهن، إلا أن هذه السيدة لم تتعاطف للحظة مع المتحرش ورفضت التنازل عن حقها، وقالت لشقيقته “مستقبله هيضيع فعلًا لو اتنازلت”، عندها لم تجد شقيقة المتحرش الاستعطاف وسيلة ناجحة، فاتجهت إلى السب والتوعد الذى وصل إلى التهديد بالقتل.
هذه الطبيبة كانت أقوى من أى ضغوط، لم يرهبها وعيد، ولم ترهقها إجراءات التقاضي، حتى نالت حقها فى نهاية المطاف وحُكِم على ذلك المتحرش بالحبس 3 سنوات.
انتصار هذه المرأة لم يكن فقط فى حبس المتحرش، ولكن في ما رسخت له من أهمية الإصرار على استعادة الحق وعدم التفريط فيه، وهو ما يعد خطوةً أساسية فى طريق تحجيم ظاهرة التحرش الجنسي.