شهر مارس مرتبط لدى أغلبنا بفصل الربيع الذى ننتظره بنسائمه من العام للعام، هذه النسائم يوازيها أخرى لربيع اَخر عنوانه المرأة ومضمونه تاريخها الطويل والحافل بكفاح ونضال بدلا الكثير من معالم الحياة. مارس يعرف بكونه “شهر المرأة” الذى يعج باحتفالات كثيرة تخص المرأة، على رأس هذه الاحتفالات اليوم العالمى للمرأة فى الـ8 من مارس، ويوم المرأة المصرية في الـ16 من مارس، وعيد الأم في 21 من الشهر.
لكن غير هذه التواريخ المعروفة للجميع، هناك أيام أخرى لا يعلمها كثيرون تعزز من تعريفنا كمصريات ومصريين لهذا الشهر بكونه “شهر المرأة”.

3 مارس 1956
حصول المرأة على حق الترشح والتصويت بعد إصدار قانون الإنتخاب

855805350467563

أصدرت السلطة السياسية الحاكمة بعد ثورة 1952، دستورًا جديدًا للبلاد أعلنه الرئيس عبد الناصر في ١٦ يناير ١٩٥٦ والذى عرف بدستور 1956، وجاء الإعلان في مؤتمر شعبى في ميدان الجمهورية بعابدين، وكان يتألف من ١٩٦ مادة، وقد مكن هذا الدستور المرأة من الاشتراك في عضوية مجلس الأمة فاكتسبت المرأة المصرية لأول مرة حق الانتخاب، وحق عضوية مجلس الأمة (مجلس النواب حاليًا)، بعد فترة وجيزة صدر قانون الانتخاب في الـ 3 من مارس ١٩٥٦، وهو القانون رقم ٧٣ لسنة ١٩٥٦ الخاص بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية أو قانون الانتخاب. واعترف هذا القانون بحق المرأة فى الانتخاب إذ تقضى المادة الأولى من القانون بأنه على كل مصري ومصرية بلغ 18 سنة ميلادية أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية.

12 مارس 1953
اعتصام نسائي تقوده درية شفيق من أجل حقوق النساء السياسية

في 12 مارس 1953 اعتصمت مجموعة من سيدات على رأسهن المناضلة النسوية “درية شفيق”، في مبنى نقابة الصحافيين والتى كانت وقتها تعرف باسم “دار نقابة الصحفيين” واضربن عن الطعام رداً على عدم تمثيل النساء فى لجنة إعداد دستور 1954 ورفعن  مطلب رئيس وهو حق الترشح والانتخاب للمرأة المصرية.
وقالت “درية شفيق” وقتذاك “أنا أرفض الخضوع لدستور لم اشترك في صياغته، وإنني أقوم بهذا الإضراب في نقابة الصحافيين، لأن الصحافة بطبيعتها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بكل حركات التحرير”.

8 مارس .. اليوم العالمى للمرأة

في 8 مارس 1856، خرج آلاف النساء العاملات في شوارع مدينة نيويورك الأمريكية، احتجاجًا على ظروف العمل القاسية التي كن يجبرن على العمل في ظلها، واستقبلت الشرطة وقتذاك التظاهرات بوحشية قمع مما زاد اشتعال المظاهرات وانتهى الأمر إلى إجبار المسؤولين السياسيين على الانصياع لمطالب المتظاهرات ووضع مشكلة المرأة ضمن أولويات العمل، وتشكلت أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أمريكا. وفي 8 مارس 1908، خرجت السيدات العاملات بالنسيج مرة أخرى فى شوارع نيويورك، يحملن قطع من الخبز اليابس وباقة الورود وطالبن بتخفيض ساعات العمل واخترن لهذه الاحتجاجات شعار “خبز وورود”، وبناءً على ذلك بدأ الاحتفال بــ8 مارس باعتباره يوم للمرأة الأمريكية، ومن بعد الولايات المتحدة جاءت الدول الأوروبية لتعتبر 8 مارس يومًا للمرأة. أما بقية دول العالم عرفت “يوم المرأة” عام 1977 عندما أصدرت منظمة الأمم المتحدة قرارًا يدعو دول العالم إلى اعتماد أى يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الـ8 من مارس، وفي عام 1987، وسع الكونغرس الأمريكى نطاق الاحتفال بالمرأة ليمتد عبر شهر بأكمله.

أما نحن فى مصر فلنا قصة أخرى مع الاحتفال بشهر مارس كشهر المرأة، أهم ما فيها ثورة 1919 التى كانت نقطة تحول فى تاريخ المرأة المصرية على الصعيد السياسي، والاجتماعى وكان أبرز أيامها 16 مارس الذى شهد أول خروج للنساء فى مسيرات تندد بالاحتلال وتطالب بالاستقلال والحرية.

16 مارس 1919.. يوم المرأة المصرية

هذا اليوم يوم له دلالة خاصة فى تاريخ المرأة المصرية، إذ يعود إلى خروجها لأول مرة في تظاهرات سياسية خلال ثورة 1919، وشاركت فيها زوجات لسياسيين مصريين، وطالبات مدرسة السنية الثانوية للبنات، رافعات شعار الهلال مع الصليب، تأكيدًا على الوحدة الوطنية، وكانت هذه التظاهرات بداية لسلسلة لم تتوقف قادتها النساء خلال الثورة وأسفرت عن سقوط شهيدات فيما بعد كانت أولهن شفيقة محمد العشماوى.

16 مارس 1923.. تأسيس أول اتحاد نسائي مصري للمرأة

بعد 4 سنوات من الخروج العظيم للمرأة المصرية في 16 مارس 1919، أسست هدى شعراوى، جمعية الاتحاد النسائي المصرى في التاريخ ذاته 16 مارس 1923 وهو أول اتحاد نسائي في مصر، والجمعية الوحيدة التي مثلت مصر في أول مؤتمر نسائي دولي، وكانت أبرز أهدافه؛ السعي لإشراك النساء في مطالبة الحكومة بتحقيق العدل والمساواة بين الجنسين في الحقوق الاجتماعية والسياسية، كما طالب بوضع قانون يرفع سن زواج الفتاة إلى 16 سنة، وإصلاح بعض طرق تطبيق القوانين الخاصة بالزواج لحماية المرأة من الظلم الذي يقع عليها من تعدد الزوجات والطلاق الشفهي.

300662090303376 21 مارس.. عيد الأم
بدأت فكرة الاحتفال بعيد الأم فى مصر على يد الأخوين “مصطفى وعلى أمين” مؤسسى دار أخبار اليوم الصحفية، بعد أن وردت إلى “على أمين” رسالة من أم تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، وتتألم من نكرانهم للجميل، وتصادف أن زارت إحدى الأمهات “مصطفى أمين” في مكتبه وحكت له قصتها التي تتلخص في أنها ترملت وأولادها صغار، فلم تتزوج، وكرست حياتها لأولادها، تقوم بدور الأب والأم معاً، حتى تخرجوا من الجامعة وتزوجوا، واستقل كل منهم بحياته، ولم يعودوا يزورونها إلا على فترات مُتباعدة للغاية، وهو ما دفع “أمين” إلى الكتابة في عموده الشهير “فكرة” مقالًا يقترح تخصيص يوم للأم ليكون بمثابة تذكرة بفضلها، فانهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة، واقترح البعض أن يُخصَص أسبوع للأم وليس مجرد يوم واحد.
واحتفلت مصر بأول عيد أم في 21 مارس سنة 1956، ومن مصر خرجت الفكرة إلى البلاد العربية الأخرى.