محطات فى مسيرتها .. من ليلة الثورة حتى الغياب القسري

“العفوية” هى أول ما يرد بالخاطر بمجرد ذكر اسمها، هى أحد أبرز الوجوه التى ارتبطت فى الأذهان بثورة يناير 2011، وواحدة من مذيعات قليلات خرجن عن السياق التقليدي الذى فُرِض لعقود يحدد مظهرًا متكلفًا، ولهجةً مصطنعةً.

عرفناها لسنوات تلقائيةً وصريحة، أبت إخماد ثورة الضمير حتى لو كان الثمن “الانزواء” بعيدًا.

934

“ريم ماجد” صحافية تلفزيونية، تألف الشاشة وجهها منذ أكثر من 15 عامًا، لكن البريق طوق اسمها عقب ثورة الـ25 من يناير قبل 5 سنوات.

من كانوا يشاهدون حلقات برنامجها الحوارى بلدنا بالمصري الذى كان يذاع عبر قناة OnTv، وحتى من لم يكونوا يشاهدونه، يعرفون عنها وضوح موقفها تجاه نظام مبارك، وثورة يناير، والحكم العسكري، وجماعة الإخوان.

hqdefault

عملت “ريم ماجد” مقدمة برامج بقناة OnTv، منذ انطلاقها فى 2008، لكن ارتفعت اسمها لدى المشاهدين، وأضحت بين المصنفين «مذيعين صف أول» عقب ثورة يناير، لعدة أسباب على رأسها “المصداقية”، فظهر جليًا مدى اتفاق توجهاتها السياسية قبل قيام الثورة مع موقفها خلالها وما بقيت عليه بعدها، بعكس كثيرين التصقت بهم تهمة التلون،و الأكل على كل الموائد.

فى الذكرى الخامسة لثورة يناير، نتذكر بعضًا من المحطات التى عاشتها وعشناها معها، بداية من يناير 2011 وحتى الشهر نفسه عام 2016.

ليلة الثورة .. انتقاد مبارك ودعم التظاهر

فى حلقة 24 يناير 2011، قدمت ريم ماجد حلقة خاصة من برنامجها “بلدنا بالمصري”، ناقشت فيها الدعوة لمظاهرات “25 يناير” – بحسب ما كانت وقتذاك- واستضافت الطرفين الداعى للمظاهرات – وقتذاك- والطرف المناوئ لها.

وفى إحدى فقرات الحلقة، شارك من الداعين للمظاهرات “هيثم محمدين”، فيما مثل وجهة النظر الرافضة للتظاهر، كل من “مروة هدهد” منسق مبادرة يوم الوفاء لمبارك، و”عمرو عمار” منسق جروب ضد العصيان المدني على فيسبوك وهو عقيد شرطة متقاعد.

ودعا “هيثم محمدين” الشباب للحشد والمشاركة فى مظاهرات 25 يناير مع إشارته إلى نجاح ثورة (17 ديسمبر) فى تونس، فيما افتعلت “مروة هدهد” مشكلة مع “ريم” بحجة انحيازها للجانب الداعي للتظاهر.

فى الحلقة نفسها، تحدثت “ريم” منتقدة “مبارك” بصيغة مبطنة عبر فقرة ثابتة اختارت لها اسم”كلام فى سركوا”، تعتمد فيها على طريقة حكي عرفت بها “ريم” طوال الوقت.

https://www.youtube.com/watch?v=x4lMgCFrIPU

بعد الثورة

أبرز المحطات فيما بعد الثورة، كانت حلقة قدمتها بالاشتراك مع الصحافى “يسري فودة” فى مارس 2011، واستضافا خلالها رئيس الوزراء الأسبق “أحمد شفيق” والإعلامى حمدي قنديل والكاتب والروائي العالمى “علاء الأسوانى”، وكان اللقاء أشبه بمناظرة، أثارت جدلًا كبيرًا وقت إذاعتها مما استدعى إعلان “شفيق” استقالته من منصبه صبيحة اليوم التالي.

مثُلت “ريم ماجد” للتحقيق أمام النيابة العسكرية فى مايو من العام نفسه، مع  المدون حسام الحملاوي والصحافى نبيل شرف الدين، وذلك على إثر ما قاله “الحملاوي” خلال إحدى حلقات برنامج “بلدنا بالمصري”، عن  انتهاكات الشرطة العسكرية للمعتقلين وتحميله اللواء حمدي بدين باعتباره قائد الشرطة العسكرية مسؤولية تلك الانتهاكات.

الحلقة التى تسبب فى استدعاء النيابة العسكرية لــ”ريم ماجد”

https://youtu.be/NWaiY4KdNzQ

“ريم” بعد خروجها من مقر النيابة العسكرية

الابتعاد بعد 30 يونيو

ابتعدت “ريم ماجد” عن الساحة الإعلامية بعد الموجة الثورية فى الـ30 من يونيو، وكان الابتعاد مثارًا للجدل، فهل أُبعِدت أم اتخذت القرار طواعية؟

ابتعدت “ريم” فى وقت غلب فيه “الصوت الواحد” على الإعلام وهو الصوت المؤيد للنظام الجديد على طول الخط  مع بث كراهية غير مسبوقة تجاه “ثورة يناير” ورموزها، وهى أحدهم، فاتسعت رقعة اتهامات التخوين الموجهة لها ومجموعة أخرى من الإعلاميين على رأسهم يسري فودة وباسم يوسف.

1431730706-klmty

قالت “ماجد” فى حوار لها مع موقع مدى مصر “بالصدفة يوم 3 يوليو، هو آخر يوم لي على الهواء، قبل إجازتي السنوية التي آخذها في رمضان. وكان من المفترض أن أعود بعد رمضان، ثم قضيت إجازتي خلال هذا الشهر وأنا أشاهد.. فلم أعد.”

وأضافت فى الحوار نفسه “لم يكن هناك لحظة مُنِعت فيها، أو أي شيء من هذا القبيل، لم تأت فرصة لاختبار هذا. لم يكن لتوقفي دخل بضغوط أو بوضع سياسي، بل بمحطة كنت أعمل بها غيرت اتجاهها تمامًا، بما لا يسمح بأي شيء مشترك بيننا”

واستمر الغياب لسنتين تقريبًا حتى قررت “ريم ماجد” العودة ولكن بعيدًا عن البرامج السياسية فذهبت إلى تقديم برنامج نسوي بطعم ونكهة مختلفة عما عهدناه، لكن السياسة لم تستطع فراقها أو ربما “ريم ” هى من لم يستطع فعل ذلك.

0,,18367621_303,00

حتى الخروج من ساحة السياسة “لم يحقق نتائج مغايرة”

في يوم 8 أبريل 2015، أعلنت قناة ” OnTv ” عودة “ريم ماجد” إلى الجمهور من خلال برنامج أسبوي مشترك بين DW عربية تحت مسمى “جمع مؤنث سالم”.

اختارت “ريم” كعادتها الانحياز إلى الناس وليس المتاجرة بقصصهم، فذهبت إلى النساء يروين قصصهن، وينقلون قراءتهم للواقع بتنافضاته اجتماعيًا وسياسيًا.

عرض من البرنامج 3 حلقات فقط على قناة ONTV، حتى أعلنت إدارة القناة توقف عرضه على شاشتها.

مع ألبرت شفيق - رئيس قناة ONTV السابق

مع ألبرت شفيق – رئيس قناة ONTV السابق

تضاربت الأقوال بشأن السبب وراء الإيقاف، إذ خرجت مبكرًا تصريحات لمسؤولين داخل القناة تفيد بأن جهات سيادية طلبت وقف إذاعة البرنامج على شاشتها، فيما خرجت إدارة القناة بعد ذلك ببيان تؤكد أن الأمر مجرد تأجيل وليس إيقاف تام، ثم عاد رئيس صاحب القناة رجل الأعمال نجيب ساويرس ليبرأ ذمة “الجهات السيادية” ويقول أن “برنامج ريم ماجد ماجبش إعلان واحد” مؤكدًا أن أى برنامج يذاع على القناة لن يحقق عائدًا ماديًا لن يستمر لأنONTV  تمر بأزمة مالية، ودخلت الحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب – حينذاك- لتؤكد أنها لا علاقة لها بالأمر.

وعلى الرغم من حالة الغموض،  إلا أن البُعد السياسي كان الأرجح، خاصة أن برنامج “جمع مؤنث سالم” تم إيقافه بعد الحلقة التى استضافت فيها “ريم” المصورة الصحافية “إيمان هلال”، بعد أن اشتملت على جرعة سياسية أكثر من سابقاتها، فبحكم عملها وتوثيقها بعدستها لكثير من الأحداث التى شهدتها مصر خلال السنوات اللاحقة على الثورة، تطرق الحوار لعدد من تلك الأحداث، وكان من بينها فض اعتصام رابعة العدوية والتظاهرات التى  خرجت فى الذكرى الرابعة للثورة، وهما حدثين، لم يعد متاحًا التعرض لهما فى الإعلام، إلا فى سياق محدد، ومن زاوية واحدة فقط.

غابت “ريم ماجد” عن أى شاشة مصرية، فغاب معها ختام البرامج ببشاشة وابتسامة خفيفة ووعد تجدد اللقاء بكلمتين “اتمسوا بالخير” أو “فتكوا بعافية”، وأضحت خواتيم البرامج الحوارية صراخ، وتراشق، وفضائح، ووعيد، وإرهاب.