ما قيمة الحياة لو لم نعط أنفسنا وقتاً لنتمعن فيها بكل تفاصيلها، نراجع أنفسنا كيف نستغلها، كيف نتعامل فيها مع بعضنا البعض!

ربما لو فعلنا لتوقفنا عن الكثير من الأخطاء التى نرتكبها بحق من حولنا، أو لامتنعنا عن ارتكاب القبح الذى نعده حقاً لنا باسم العادات والتقاليد، أو عرفنا أن ما لنا هو ما لغيرنا وما علينا هو ما على الاَخرين دون تفرقة على أى أساس والأهم أساس”الجنس”..

فكيف لنا أن نعمق النظر فى المشاهد التى تمر علينا فى حياتنا دون تلك الصورة التى يخلقها الفن وخاصة أبو الفنون “المسرح”، ولبيكاسو قول مأثور يعد خير تعبير عما يحدثه الفن من أثر فى نفوسنا وتعاملاتنا مع واقعنا، ويقول فيه “نعرف جميعاً أن الفن ليس الحقيقة، إنه كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة”

فرغم أن الشخوص التى تتحرك أمامنا نعرف جيداً أنها تخضع لنص مكتوب وتؤدى أدواراً غير حقيقية إلا أننا نرى أنفسنا فيها، نتحسس مشاكلنا فى تطوراتها الدرامية، ونبحث عن حلول لما يؤرقنا فى نهاياتها وهذا هو تماماً الحال الذى قد تشعره الفتيات والنساء عندما يشاهدن عرض من عروض فرقة”روبابيكيا” المسرحية، التى تطرح المشكلات وأشكال العنف التى تتعرض لها الفتيات والنساء فى مجتمعنا من خلال “إسكتشات مسرحية” فتجد السيدة التى تعانى من سطوة زوجها نفسها فى واحد من الإسكتشات، وترى الفتاة التى تعانى الأمرين مع التحرش اليومى نفسها فى أحد العروض.

708394069923088

فرقة “روبابيكيا” تقوم على عاتق مجموعة من الشابات والشباب أعمارهم تتراوح فيما بين 17 عاماً و 25 عاماً رفعوا الشعار الأشهر “روبابيكيا ..حاجات قديمة للبيع” مستبدلين كلمة “حاجات” بكلمة “ممارسات”معلنين رفضهم للممارسات الضارة المتوارثة عبر الأجيال ضد الفتيات والنساء.

ولمعرفة المزيد عن هذه التجربة المثيرة للفضول، أجرينا هذا الحوار مع مخرج الفرقة “أحمد الكمشيشي”.

كيف تشكلت “روبابيكيا” ومتى بالتحديد؟

بدأت علاقتنا بمعالجة مشاكل المرأة، من خلال تطوعنا كمثقفى أقران ضمن مشروع لإحدى الجمعيات المعنية بقضايا المرأة وهدفه الحد من الممارسات الضارة ضد الفتيات والنساء، وفكرة “مثقفى الأقران” تقوم على نقل المعلومات التوعوية التى نتحصل عليها من قبل المدربين بشأن الممارسات الضارة ضد المرأة، إلى المحيطين بنا فى مجتمعاتنا، وبمرور الوقت قررنا أن نتخذ من الفن وسيلة لترجمة هذه المعلومات بشكل بعيد عن السرد والتنظير المعهود فى الندوات والمؤتمرات بعد إدراكنا أن الفن سيصل بالفكرة لقطاع أوسع وبشكل أسرع وأصدق، ومن هنا كان القرار بتأسيس فرقة مسرحية تناقش قضايا المرأة من خلال اسكتشات مسرحية، وبدأنا أول عروضنا فى ديسمبر عام 2013 بفندق سفير بالدقى.

لماذا اخترتم اسم “روبابيكيا”؟

الجملة الشهيرة “روبابيكيا حاجات قديمة للبيع” كانت هى المنطلق ، إذ أننا نرى ضرورة التخلص من الممارسات والعادات البالية والضارة بأبخس الأثمان.

هل الفرقة جميعها هواة أم بينكم محترفين؟

أنا الوحيد الذى احترفت المسرح بعيداً عن الفرقة لكن بقية الفريق جميعهم هواة، والفرقة مكونة من 5 شابات و4 شباب ما بين ممثلين ومديرى إضاءة وموسيقى أما بالنسبة للتأليف فعلى الأغلب يكون نتاج جلسات عمل بين المجموعة ككل.

أين تقدموا عروضكم؟
نحن قدمنا عدة عروض فى مراكز شباب، للوصول إلى المجتمعات التى تعانى فيها النساء من إرتفاع فى معدلات الممارسات الضارة ضدهن، خاصة فى مناطق مثل المرج وعين شمس حيث تنتشر ممارسات مثل التحرش والتسرب من التعليم، إلى جانب ذلك قدمنا عروضنا على مسارح مثل ساقية الصاوى ومركز درب 1718 ونتطلع فى المستقبل لتقديم عروض شارع للوصول لقطاعات أوسع.

ما أبرز القضايا التى لاقت تفاعلاً من الجمهور أثناء عرضها؟

أعتقد كانت قضيتى الختان والعنف الزوجى الممارس من قبل الزوج ضد زوجته، حتى أن الجمهور كان يتفاعل معنا وتعلو تعليقاته أثناء العرض قبل حتى إنتهائه.

قضايا ومشاكل المرأة دائماً تعانى ضعف الوصول لقطاعات أوسع، لذا لما لجأتم إلى المسرح وليس السينما والأفلام القصيرة التى تنتشر سريعاً خاصة فى ظل مواقع التواصل الاجتماعى؟

نحن بدأنا بالمسرح لكن لدينا طموح أن نقدم أفلاماً قصيراً تناقش مشكلات المرأة، وكان لدينا خطط قبل فترة ولكن تعطل المشروع وتم تأجيله.

على أى أساس يتم إختيار القضايا التى ستتناولها العروض؟

نحن نركز بشكل عام على الممارسات الضارة ضد الفتيات والنساء، وعلى رأس الكوارث المجتمعية التى نتناولها قضيتى التحرش والإغتصاب والعنف الأسرى متمثلاً فى ظواهر الختان و زواج القاصرات وعنف الزوجضد زوجته.

العنف السياسي وقضايا مثل التحرش بالمتظاهرات وكشوف العذرية، هل لديكم خطوط حمراء على طرحها فى عروضكم؟

لم نعمل عليها سابقاً ولكن ليس لدينا محاذير على تقديم ظواهر العنف ذى البعد السياسي، فهو انتهاك تتعرض له النساء ولابد من مواجهته.

ما أبرز المشكلات التى تواجه فرقة روبابيكيا؟

أعتقد بالدرجة الأولى مشكلتنا هى التمويل إذ أننا حتى الاَن نعمل بتمويل ذاتى وهذا يعوق قدرتنا على الوصول لقطاعات أوسع أو تقديم العروض على مسارح أكبر، ومع ذلك لن نترك هذه الإشكالية تعوق خطواتنا خاصة أننا بالفعل نسعى للوصول إلى مسارح كبرى مثل مسرح مركز الإبداع.

أعضاء فرقة “روبابيكيا”: أحمد الكمشيشي مخرج وممثل، أميرة الخطيب ممثلة، محمد خالد ممثل، أسماء حمد ممثلة، ياسمين حمدى ممثلة، رابعة أحمد ممثلة، هند عزت ممثلة، أحمد خطيب مسئول الموسيقى، محمود اسنايبر مسؤول الإضاءة