عائشة راتب.. أول من صرخ في وجه مجلس الدولة من أجل حق النساء في منصة القضاء
سيدة غزت مجالات عديدة، وكانت أول النساء في اختراقها، فهي أول معيدة بكلية الحقوق في جامعة القاهرة، وأول سفيرة مصرية وثاني سيدة تتقلد منصب وزيرة، إنها السيدة عائشة راتب، التي ولدت فى فبراير 1928.
سطوة المجتمع الذكوري تحرمها من اعتلاء منصة القضاء
تخرجت من كلية الحقوق عام 1949 وكانت من العشرة الأوائل، في ذلك الوقت، كان السنهوري باشا هو رئيس مجلس الدولة، وقد اختار الخمسة الأوائل من خريجي كليتي الحقوق في جامعتي فؤاد الأول وفاروق الأول للعمل في مجلس الدولة.
توجه الخريجون الذين وقع عليهم الاختيار إلى المجلس، لمقابلة السنهوري وكانت بينهم “عائشة راتب”،وكانت تسعى للتعيين كمندوبة فى المجلس، إلا أن العادات والتقاليد وقفت حائلًا دون تحقق حلمها بالعمل في القضاء.
وأراد “السنهوري” أن يتصرف بلباقة، فاقترح إقامة امتحان للمتقدمين، على أمل أن ترسب فيه، فلا يكون هناك ما يدعو إلى مواجهة المشكلة بصورة مباشرة، فخاب ظنه، لأن “راتب” كانت الوحيدة التي نجحت بين المتقدمين وعددهم 15 وبدرجة جيد جدًا، فأحال “السنهوري” المسألة إلى مجلس المستشارين، ورفض المجلس تعيينها.
ومع ذلك، لم تيأس، وذهبت في اليوم التالي، ورفعت دعوى ضد مجلس الدولة أمام المجلس نفسه احتجاجًا على تخطيها في التعيين، لكن صادفها نفس التعنت، ورفض دعواها، لعدم وجود سوابق لهذه الحالة.
“لن أيأس أبدًا بل سأنتظر اليوم الذى أصبح فيه عميدة بكلية الحقوق ومديرة للجامعة ورئيسة للوزراة”
أول معيدة فى كلية الحقوق .. شاركت فى وضع دستور مصر
تقدمت بطلب التعيين كمعيدة بكلية الحقوق وكان ذلك أيضًا غريبًا على المجتمع الأكاديمي وقتذاك، إذ لم تكن الكلية قد عينت معيدات من قبل، لتصبح عائشة راتب أول معيدة في كلية الحقوق، ثم سافرت إلى باريس لإتمام الدكتوراة، وعندما حصلت عليها، عادت إلى لمصر في العام 1971 وليجري اختيارها ضمن لجنة المئة، التي تولت مسؤولية الإشراف على انتخابات المؤتمر القومي للإتحاد الاشتراكي، ثن انتُخِبَت ضمن أعضاء اللجنة المركزية، التي ناقشت مواد مشروع دستور 1971، وبينما كانت غالبية الأصوات تتجه وترحب بتوسيع وزيادة اختصاصات رئيس الجمهورية، اعترضت هي على ذلك الأمر وفي حضور السادات نفسه.
ومع ذلك النقد من جانبها، اختارها السادات كوزيرة للشؤون الاجتماعية في العام 1971 في حكومة محمد فوزي.
وزيرة الفقراء
اختيرت وزيرة للشؤون الاجتماعية إبان حرب الاستئنزاف، ومع زخم الهجرات من مدن القناة إلى المدن الأخرى، اشتد النقص في الاحتياجات الأساسية، وارتفعت الأسعار وانخفض دخل الفرد، فما كان منها إلا أن أصدرت قرارًا برفع مرتب العسكري من 2.5 جنيه لــ10 جنيهات.وخلال حرب أكتوبر، زارت المستشفات لرفع الروح المعنوية للجنود وكانت حريصة أن تكون بجانبهم ومساعدتهم.
نصيرة المرأة والفقراء
في العام 1975، أقرت معاشًا للفقراء ومعدومي الدخل غير الموجودين تحت مظلة التأمينات، وأعطت الحق في أن يأخذ الشاب المعاش حتى سن 26 سنة، نظرًا للظروف الصعبة التي كانت تمر بها مصر، وأقرت أيضًا حق الابنة المطلقة أن تأخذ معاش أبيها،
وهى من كان وراء قانون الخدمة العامة لخدمة المجتمع في محو الأمية، وأصدرت قرارًا يسمح بأن تخصص 5 في المئة، من الوظائف الحكومية من حق المعاقين.
“لم أكن أريد التعرض لرجل أكرمنى، و اختارنى للوزارة مرتين، وترك لى مطلق الحرية طوال مدة الوزارة”
لقب “أول سفيرة مصرية في الخارج”
مع انتفاضة الشعب المصرى في 18 و 19 يناير من العام 1977، ضد غلاء الأسعار، تقدمت استقالتها احتجاجًا على تسمية السادات لهذه الانتفاضة الشعبية بــ”انتفاضة الحرامية”.
وطلب منها الكثير كتابة مذكراتها حول هذه الفترة ولكنها رفضت.
بعد سنتين، فوجئت بتعيينها كأول سفيرة مصرية في الدنمارك لمدة سنتين، ثم انتقلت كسفيرة إلى ألمانيا الغربية.
عارضت اتفاقية كامب ديفيد، لكنها عادت لتشيد بها بعد سنوات، مؤكدة أن السادات كان له رؤية بعيدة النظر.
فى العام 1995، حصلت “راتب” على جائزة الدول التقديرية، وبعد 18 سنةً، رحلت عن عمر يناهز 84 عامًا.