تعد السعودية من أسوأ البلاد  فيما يتعلق بحقوق النساء بل أن كثيرون يصنفونها الأسوأ فى العالم بأسره، فهناك تُفرَض قائمة من المحظورات على المرأة تحت مسمى الالتزام بالشريعة والتمسك بالعادات والتقاليد.

وقد تكون المملكة هى الدولة الوحيدة التي أبدت تحفظات عامة على اتفاقية السيداو واتفاقية حقوق الطفل، الأمر الذي يعد منافيًا لجوهر تلك الاتفاقيات ومعطلًا لها.

العنف الممارس ضد المرأة فى السعودية، يرتفع إلى درجة غير مسبوقة، فهى البلد الوحيد في العالم الذى يمنع النساء من قيادة السيارة، كما أنها تشترك مع إيران فى منعهن من حضور مباريات كرة القدم.

هذا فضلًا عن حظر عدد من المهن على النساء، والضوابط الشديدة فى مسألة الاختلاط مع الجنس الاَخر، حظر حصص الرياضة (التربية البدنية) فى المدارس، هذا إلى جانب فرض الحجاب على النساء جميعًا، بالإضافة إلى حرمان الفتيات من ركوب الدراجات الهوائية مثل الصبية، وعلى الرغم من شدة الانتقاد التى تلاحق السعودية بسبب هذه المحظورات، يبدو أن الدولة الأكثر تعسفًا بحق النساء لا تبالي بهذا ومازالت متشبثة بطريقة الحياة التي فرضتها على بنات هذه الأرض.

قيادة السيارة

السعودية كما ذكرنا البلد الوحيد في العالم، الذى يمنع السيدات من قيادة السيارة، وعلى الرغم من أن المرور السعودي لا ينص على منع السيدات من القيادة إلا أن تراخيص القيادة لا تصدر إلا للرجال، ومع ذلك، قطاع واسع من النساء السعوديات لم ينصعن لأمر غير مبرر وليس به أى دافع منطقي،  فحاولن مرارًا انتزاع حقهن، وكانت المرة الأولى في نوفمبر عام 1990، ولم تخرج أرقامًا ثابتة عن عدد المشاركات، لكن الأكثر ذيوعًا هو 17 سيارة فيها ما بين 45 إلى 47 امرأة في حملة تناهض قرار الحظر، وانتهى الأمر باعتقال النساء ومنعهن من السفر وفصلهن من وظائفهن واعتقال أزواجهن أو اَبائهن بتهمة “عجزهم عن السيطرة على نسائهم”.

عندما هبت رياح الربيع العربي، لم تقتصر بذور الأمل التى نثرها على الدول التى قامت فيها الثورات، وإنما تناثرت فى البلدان الاخرى على الأصعدة المختلفة،  مثلما حدث فى المملكة، حيث عاد الأمل في إمكانية التخلص من هذا القانون وتعالت أصوات النساء مطالبة بالسماح لهن بقيادة السيارة، وُحدد يوم 17 يونيو 2011 يومًا تقود فيه النساء سياراتهن لقضاء حوائجهن وجاءت الحملة بعنوان “سأقود سيارتي بنفسي”  ولكن باءت المحاولة بالفشل مجددًا، وفي 28 من الشهر نفسه، ألقت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر القبض على 5 نساء وهن يقدن سيارات في جدة، وفي 24 أغسطس أوقف المرور امرأة وهي تقود لكن أطلق سراحها بعد ساعات دون تعهد.

من جديد عادت وظهرت الدعوات نفسها فى 2013، حيث طالب عددمن  الناشطات السعوديات بخروج النساء وقيادة السيارات، وتم تحديد موعد للحملة تنطلق فعالياتها في 26 أكتوبر من العام نفسه، لكن فشلت الحملة بعد تنبيهات وقرارات نُفِذت من قبل زارة الداخلية السعودية قبل التاريخ المحدد لانطلاقها.

59877

فى عام 2014، حاولت ناشطة سعودية تدعى “لجين الهذلول” استغلال اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي بسريان رخص القيادة في جميع دول المجلس، فاستخرجت “لجين” باستخراج رخصة قيادة من دولة الإمارات العربية المتحدة وهي سارية المفعول في المملكة العربية السعودية حسب الاتفاقية، وبعد قيادتها لسيارتها الخاصة من الإمارات إلى السعودية تم إيقافها عبر الجمارك السعودية عند المنفذ الحدودي وبقيت 24 ساعة محتجزة في المنفذ الحدودي حيث رفضوا السماح بدخولها وهي تقود سيارتها،  توجهت إليها حينذاك المذيعة السعودية “ميساء العمودي” فتم اعتقالهما في ظل تكتم إعلامي محلي بينما اهتمت وسائل الإعلام الدولية بالحادثةو نددت بها، وتدخلت منظمة العفو الدولية فى الواقعة، لكن بقيت الفتاتان قيد الاحتجاز لما يصل إلى 60 يومًا.

أزمة “ولى الأمر”

المجتمع السعودي جعل “ولي الأمر”، أحد ركائز الحياة هناك، مما أسفر عن استغلال لا حد له من قبل الرجال، لدرجة تقييد النساء وسلبهن حقوقهن وأحلامهن.

فبموجب القانون السعودي، يجب أن يكون لجميع الإناث “ولي أمر”، عادة ما يكون الأب أو الأخ أو الزوج أو الابن، ويحظر على الفتيات والنساء إجراء أغلب المعاملات دون ولى الأمر، مثل السفر والمهام رسمية، فالمرأة تحتاج إذن ولي الأمر، فى الزواج والطلاق، السفر، العمل، فتح حساب مصرفي وأيضًا تحتاج الإذن في الموافقة على العمليات الجراحية الاختيارية.

فالمرأة السعودية بحاجة لموافقة ولي أمرها على السفر بمفردها مهما بلغت من عمر أو علم، وإن كانت مطلقة أو أرملة لابد من أخد موافقة الابن الذي تنفق عليه، على اعتباره وليًا شرعيًا لها.

لم تستسلم النساء في السعودية لهذا الوضع فقد بدأت إحدي الكاتبات السعوديات في المطالبة بتطبيق القرار الكويتي(حكم المحكمة الدستورية الكويتية ، الذي ألغي شرط موافقة ولي الامر لاستخراج جواز سفر المرأة الكويتية،) داخل المملكة العربية السعودية ، كما حظيت الكاتبة وتدعي “مليحة الشهاب” على دعم رواد مواقع التواصل الاجتماعى بعد نشر مقالها “جواز سفر يحول بين أم و ابنها”، طالبت فبه “مليحة” السلطات السعودية بتغيير القوانين التي تشترط موافقة ولي الأمر لاستخراج جوازات سفر النساء، كما انتقدت عدم اسثناء الحالات الطارئة من هذه القوانين، وأوردت قصة لسيدة مطلقة وأم كان ابنها يحتضر نتيجة تعرضه لحادث سير خارج المملكة ، ورفضت السلطات منحها جواز سفر.

لكن مؤخرًا وبعد ضغوط متلاحقة من النساء، تغير الأمر قليلًا، حيث قضى القانون السعودي أنه فى حال رفض “ولي أمر” المرأة السعودية طلبها السفر أو إصدار جواز سفر، أصبح بإمكانها أن تلجأ لقاضي الأمور المستعجلة ليعطيها ذلك الحق دون الحاجة لموافقة “ولي أمرها”، ما لم يملك هذا الولي “سببا مقنعا” للمنع، وإذا ملكت هي “سببا مقنعا” للسفر.

وكانت السلطات السعودية قد شرعت عام ٢٠١٢، بتطبيق نظام الرسائل القصيرة التي تصل إلى “ولي أمر” المرأة السعودية المسافرة تخبره بسفرها وتنقلاتها، حتى لو كان مسافرًا معها.

على نحو اَخر، تفتقد المرأة لحق تقرير المصير بشأن إجراء عملية جراحية اختيارية، حيث أن التعليمات واللوائح والأنظمة الداخلية تشترط عليها الحصول على موافقة مثبتة ورقيًا من قبل ولي الأمر.

الاختلاط

الفصل بين الجنسين في السعودية يحدث في أغلب الأماكن، في المدارس والجامعات والبنوك والمطاعم ( يوجد قسم العائلات عبارة عن غرف منفصلة) ووسائل النقل العام والمتنزهات والشواطئ (فلكل جنس مواعيد ثابتة)

وفي عام في عام 2008  حكم على “خميسة محمد سوادي”، وهي امرأة تبلغ من العمر 75 عامًا، بالسجن وجلدت 40 جلدة والسبب أنها سمحت لرجل بتقديم الخبز لها مباشرة في منزلها من غير وجود محرم.

وفى عام 2014، توفيت طالبة ماجستير بكلية الدراسات الاجتماعية، تدعى “آمنة باوزير” بعد أن أُصيبت بأزمة قلبية حادة أثناء تواجدها في الكلية، ورفض مسؤولو الجامعة دخول سيارة الإسعاف إلى الجامعة ، وعللوا رفضهم بأن الفتاة كانت دون غطاء، وأنهم لا يستطيعون السماح بدخول رجال الإسعاف إلى مبنى النساء منعًا للاختلاط، على الرغم من حاجتها إلى تدخل طبي سريع.

مشاركة الفرق النسائية فى البطولات .. حضور مباريات كرة القدم .. ركوب الدراجات الهوائية

كانت المملكة العربية السعودية واحدة من البلدان القليلة في دورة الألعاب الأولمبية 2008  التي تشارك بدون فريق نسائي، على الرغم من  أن السعودية لديها فرق نسائية.

لكن في يونيو 2012، كانت المرة الأولى التي  تعلن فيها  سفارة المملكة العربية السعودية في لندن أن اللاعبات سوف تنافس في دورة الألعاب الأولمبية في 2012 في لندن وشاركت في هذه الدورة  “سارة العطار” و “وجدان شهرخانى” ولكنهما واجهتا انتقادًا مجتمعيًا واسعًا.

20130106213500reup-2013-01-06t213424z_01_bah030d_rtrmdnp_3_soccerh

تمنع السعودية النساء من حضور مباريات كرة القدم ولكن في يونيو 2014 عقد المسؤولون اجتماع لمناقشة مسألة إمكانية حضور النساء مباريات كرة القدم في الملاعب السعودية، وفق “ضوابط الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد” ووضعوا خمسة شروط للسماح للنساء السعوديات بدخول ملاعب كرة القدم، أبرزها؛ أن يكون الحضور النسائي عائليًا وليس بشكل فردي، وأن تجهز أماكن خاصة ومنفصلة عن الرجال مثل “المقصورات” وألا تتعرض النساء إلى أي نوع من الاختلاط بالرجل داخل الملعب وخارجه،  وأن تخصص أماكن دخول وخروج منفصلة عن الرجال في الملعب.

ومع ذلك خرج قرار اللجنة المنظمة لكأس خليجي 22 الذى أقيم بالعاصمة السعودية “الرياض” فى نوفمبر من العام 2014، بعدم السماح للنساء بالتواجد فى مدرجات الملاعب.

فى العام المنصرم، تصاعد الترويج لحضور النساء المباريات فى الملاعب، وهو ما يأتي في ظل تقديم السعودية ترشحها لاستضافة بطولة كأس آسيا لكرة القدم عام 2019، تجنبًا لتضاؤل حظوظ المملكة في استضافة هذه البطولة بسبب منع النساء من دخول الملاعب، إذ أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” يشترط أن تكون البطولات مفتوحة للرجال والنساء في أي بلد يرغب في استضافة مثل هذه التظاهرات الرياضية.

فيما يتعلق بمنع ركوب الدراجات وهو المعلق بيد هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ففي عام 2013،  تم السماح للمرأة بركوب الدراجات لأول مرة، لكن فقط حول الحدائق ومناطق ترفيهية، والمتنزهات والشواطئ، لكن مع وجوب أن ترتدي العباءة أن يصاحبها محرم.

يذكر فى هذا السياق أن فيلم “وجدة”، للمخرجة “هيفاء المنصور” وهو أول فيلم سعودي تخرجه امرأة، ناقش مشكلة حرمان الفتيات من اقتناء وركوب الدراجات الهوائية لاعتبارات هاوية مثل خطورة ركوب الدراجة على غشاء بكارة الفتاة.

مهن محظورة

nimg202903

تشكل النساء السعوديات 18.6٪ من القوة العاملة الوطنية، وأوضحت تقارير إحصائية نشرتها جريدة الرياض أن 14.6٪ من العاملين في القطاعين العام والخاص في المملكة هم من النساء، على الرغم من أن الإناث يشكلن 70٪ من الطلاب في معاهد التعليم العالي السعودي، ويشكلن  57% من المخرّجين الجامعين في المملكة.

حتى وقت قريب كانت وظائف السعوديات تقتصر على  الطبييبات  والممرضات  والمدرسات  والبنوك النسائية، وفي السنوات الأخيرة، حظرت وزارة العمل توظيف النساء غير السعوديات في محلات الملابس الداخلية وغيرها من المحلات التي تباع فيها الملابس النسائية والعطور.

في عام 2005 سمح الملك عبد العزيز للمحاميات السعوديات بدخول المحاكم ، وفى عام 2013، أصدرت وزارة العدل في الرياض أول 4 رخص لسلك المحاماة لأربع سعوديات بما يسمح لهن بفتح مكتب محاماة واستقبال القضايا والترافع عنها أمام كافة الدوائر والمحاكم الشرعية، بجانب تقديم الاستشارات القانونية،ثم فى عام 2014، افتتح في محافظة جدة أول مكتب محاماة نسائي بشكل رسمي.

على مستوى عمل المرأة فى الصحافة، ما زالت المرأة السعودية العاملة في هذا المجال، تواجه الكثير من المصاعب، منها معارضة قسم كبير من الرجال عملها الذي يتطلّب إجراء مقابلات واتصالات هاتفية، حتى أن بعض الرجال يرفضون لقاءهن لأنهم لا يقبلون الاختلاط مع المرأة.

ضوابط المظهر

3dafef7edb624335b9ac4e834decd70d

اللباس الخارجي للمرأة، محدد له شكل معين فى السعودية ولكنها ليست الدولة الوحيدة فى وضع ضوابط وزى ثابت متمثل فى الحجاب، فإيران تفعل ذلك، ودول مثل ماليزيا، واقليم اتشيه فى أندونسيا، ولبس الحجاب الصحيح بالنسبة للمملكة، هو تغطية كل شبر فى جسد المرأة، عدا اليدين والعينين، ويجب على كل امرأة الخروج بالعباءة والنقاب وإن لم تفعل تتعرض للمساءلة من قبل المطاوعة أو الشرطة الدينية. ولكن صرامة اللباس تختلف حسب المنطقة.

في جدة، على سبيل المثال، العديد من النساء يخرجن بوجوههن مكشوفة و الرياض الأكثر تحفظًا، محلاتها تبيع العباءات ملونة.