• المرأة شاركت فى ثورات الربيع العربي ومع ذلك بمجرد نجاحها.. “انقلبت ضدها”.
  • بعد صعود التيارات الاسلامية تم اختزال قضايا الوطن في جسد المرأة.
  • مجرد وجود مؤسسة مثل “المجلس القومى للمرأة” يخلق حراكًا أيًا كان حجمه ودوره.
  • الحاجز الرئيس فى طريق المرأة للانطلاق سياسيًا هو المنظومة المجتمعية الثقافية.

يظل الجندر أو النوع الاجتماعي أحد المصطلحات، التي تستهدف بشكل عام تمكين النساء وتحقيق المساواة بينهن وبين الرجال في الحقوق والواجبات، ويؤسس عليها الدفاع عن قضايا وحقوق النساء في كل العالم.
تحدثنا مع السيدة “رولا السعدي” المستشارة الإقليمية في برامج النوع الاجتماعي والتنمية حول المصطلح، وناقشنا معها الكثير من القضايا التي تخص النساء، على هامش تدريبها في ورشة عمل “التدقيق على أساس النوع الاجتماعي” بالمعهد السويدي خلال الفترة من 16- 20 أغسطس الجارى.
وإليكم نص الحوار.
“التدقيق الجندري للمؤسسات الاعلامية” .. مصطلح جديد، فماذا يعنى وإلى ماذا يهدف بالضبط؟
التدقيق على أساس النوع الاجتماعي يستهدف الوصول إلى مؤسسات إعلامية حساسة للنوع الاجتماعي ومحاولة سد الثغرات الموجودة بين الجنسين في هذه المؤسسات، ويرمى إلى تمكين الإعلاميات من الوصول إلى مراكز صنع القرار فى مؤسساتهن، من خلال خلق وتدريب مجموعة من الكوادر داخل المؤسسات الإعلامية.
ما أبرز المعوقات التي تحول دون وصول المرأة لمراكز صنع القرار داخل المؤسسات الإعلامية؟
هناك مجموعة عوامل، منها ما يتعلق بالسياق المجتمعي الذي يضم الإطار الثقافي والاجتماعي والسياسي وهو من الأشياء الأساسية التي ترفض تمكين النساء في مواقع صنع القرار، بالإضافة إلى بعض العوامل الديموغرافية بشأن تغطية الأخبار والقضايا الأساسية، ومسألة تمكين الصحفيين، في ظل وجود بعض قطاعات الإعلام التي لا يوجد أي سيطرة عليها، ليترتب على ذلك نوع من الخلل.
ما تقييمك للخطاب الإعلامي في مصر فيما يتعلق بقضايا النساء؟
دعيني أتحدث عن المنطقة العربية بشكل عام، خاصة أنه أصبح هناك شيئًا مشتركًا بين الدول العربية، وهو انتشار الإنترنت والمواقع الإخبارية الإلكترونية، وهناك تطور في تناول قضايا حقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص لكن مازال هناك قصور، وهذا القصور ليس له علاقة بنقص الوعي الكافي من العاملين بالمجال بهذه القضايا، ولكنه قد يعود لوجود أجندات جاهزة وتوجيه معين من قبل من يديرون المؤسسات الإعلامية يقوم على التركيز على قضايا وموضوعات معينة دون غيرها، وأحيانًا كثيرة يكون عدم تناول قضايا المرأة، هو الخوف من القوالب والضغوط المجتمعية وهو يُحرِم كثيرًا فتح ملفات وقضايا تخص النساء ويتم التغطية عليها، ولكن لا يمكن أن ننكر أن هناك جهود تحتاج إلى التطوير، لكن القصة ليست بالكم وإنما بكيف نتناول القضية ونطرحها.
قضيتِ سنوات عديدة فى مصر لظروف عملك، وبالتأكيد كونتِ رأيًا بشأن أبرز أشكال العنف التي تواجهها النساء هنا؟
في الحقيقة النساء هن الأكثر تضررًا في مجتمعاتنا العربية نتيجة لخلل يرتبط بأدوار النوع الاجتماعي أو توزيع المصادر والتحكم فيها، ويمكن أن نقول أن النساء أكثر فقرًا وأقل حظًا في الحصول على الفرص والخدمات، ومن ثم فالنساء أقل إمكانية فى الوصول إلى مراكز صنع القرار والمناصب القيادية، وهذا ليس لعيب فيهن أو لأنهن لسن الأكفأ، لكن لأن المجتمع لا يشعر بأن لهن أولوية فى التواجد في هذه القطاعات، لذلك هناك تمييز تعانيه النساء في المجالات المختلفة، وهذا بالتأكيد أحد اشكال العنف، سواء سياسي أو اجتماعي أو قانوني.
المرأة وثورات الربيع العربي .. كيف تقرأين التغيرات التي طرأت على النساء في الوطن العربي بعدها؟
الثورات العربية بشكل عام حققت التغيير، ولكن مع هذا التغيير جاءت كثير من التفاصيل السيئة خاصة مع صعود التيارات المتشددة، وعلى الرغم من مشاركة المرأة كمواطنة وشريك أساسي، إلا أنه بمجرد نجاح الثورات انقلبت الأمور ضد المرأة، وسمعنا حديث عن عدم تجريم الزواج المبكر ومضاجعة الوداع، وعدنا للمربع ما قبل الصفر، وتم اختزال قضايا الوطن في جسد المرأة، ذلك المربع الذي تجاوزته الحركات النسوية عبر سنوات بعيدة من خلال دعوتهم لتجريم الختان والزواج المبكر، هذا بالإضافة إلى القلق الكبير من إعادتها للبيت مرة أخرى، وظهرت بعض الممارسات الممنهجة مثل الاعتداءات الجماعية، منها التحرش الجنسي الجماعي لأن كل البنات كان يتم التحرش بهن بنفس الطريقة، ومع ذلك تم اللوم عليهن لأنها غير محميات مجتمعيًا حتى وهن يتعرضن للإساءة والانتهاك!
وكيف ترين دور المجلس القومي للمرأة منذ تأسيسه في 2000 وحتى الاَن؟
في الحقيقة لم أعمل معه كثيرًا، حيث تركز عملي مع المؤسسات الدولية، وأيًا كان حجم هذه الكيان ودوره، أؤكد أنه مجرد وجود مثل هذه المؤسسات بالمجتمع يخلق نوعًا من الحراك، ولكن لايمكن إنكار الدور الذي لعبته مؤسسات المجتمع المدني في تمكين النساء على المستويات المختلفة والمجال السياسي، وتغيير الصورة النمطية المأخوذة عنها، بجانب المؤسات الدولية والكيانات الوطنية.
شهور قليلة ونستقبل البرلمان .. كخبيرة إقليمية، برأيك ما الذى على الدولة القيام به لتمكين النساء سياسيًا؟
العمل مع النساء عملية مكتملة، فهي تحتاج للتمكين السياسي والدعم الاقتصادي للترشح والتعبير عن نفسها بحملات دعاية ومؤتمرات جماهيرية، فضلًا عن منظومة تشريعية وقانونية تدعم وجود النساء في المجال العام والسياسي، ويبقى العبء الأكبر على المرأة من تلك المنظومة المجتمعية الثقافية التي ترفض وجودها في المشاركة السياسية، وهي تظل الحاجز الرئيس للانطلاق، وهو ما يجعل بعض النساء يعزفن عن المشاركة خوفًا من الخسارة في الانتخابات، لأن اللوم عليها يكون مضاعفًا، وكأن السيدة غير مسموح لها بالمكسب أو الخسارة في الانتخابات مثل الرجال .
كيف ترين­­ دعم الاحزاب السياسية لخلق كوادر نسائية سياسية؟
للأسف بعض الأحزاب والتيارات السياسية تستخدم النساء كمانشيت في الدعاية الانتخابية والقوائم الحزبية أو كصوت انتخابي، ولكن المرأة ليست على أجندتهم الحقيقية ولا برامج عملها أساسية، كم أن الاهتمام بالنساء لا يجب أن يكون قضية اَنية ، لأن قضاياهن ليست فردية بل مجتمعية، ولكن كثيرًا ما يتم التعاطي مع قضية المرأة بشكل فيه نوع من الانتهازية من بعض الأحزاب السياسية.