حتى بعد تجميد برنامجها.. الخوف من عودة “ريهام سعيد” قائم والإصرار على محاسبتها باق
هويدا : الإعلاميون يستغلون حالة الفراغ التشريعي والإعلامي
عثمان: حملات مواقع التواصل الاجتماعى عرضة للتكرار مرات أخرى
فريد: المذيعة تواجه تهم تصل عقوبتها إلى 5 سنوات
على الرغم من إعلان قناة النهار الفضائية قبل أيام، تعليق إذاعة برنامج” صبايا الخير” وفتح تحقيق موسع بشأن الأزمة التي أشعلها البرنامج ومقدمته “ريهام سعيد”، إلا أن حالة الجدل ومصير البرنامج والمذيعة الأكثر جدلًا، مازال مستمرًا.
ومؤخرًا اشتبك “عمرو قورة” رئيس القناة، مع عدد من نشطاء موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، ودافع عن “سعيد” وبرنامجها وكأن شيئًا لم يكن، وتجاوز ذلك ليصل الأمر إلى اتهامه وتعديه لفظًا على عدد من الإعلاميين هم، باسم يوسف وريم ماجد ويسري فودة.
هذا بالإضافة إلى أن القناة، بعد يومين من قرارها بإيقاف البرنامج، عادت وأكدت أن “ريهام” مستمرة بالقناة، وهو ما أثار حفيظة مجتمع الفضاء الإلكتروني مرةً أخرى.
وتعود القصة التى أثارت الرأى العام، إلى قيام المذيعة “ريهام سعيد” مقدمة برنامج “صبايا الخير”، بعرض صور شديدة الخصوصية للمواطنة “سمية عبيد” المعروفة اعلاميًا بفتاة المول، وذلك عقب استضافتها لشرح وقائع الاعتداء والضرب الذي تعرضت له من قبل أحد المتحرشين فى مول الحرية بمصر الجديدة، وقد أبدت “سعيد” عدم اقتناعها برواية الفتاة، واعتبرت أن ملابس الفتاة هى السبب فى تعرضها للتحرش، وأضافت “سعيد” أن شخصًا رفضت الإفصاح عن هويته، أرسل لفريق البرنامج صورًا شخصية للفتاة تم عرضها خلال حلقة البرنامج، وعلقت “ريهام” قائلة: “اللي ترضى تلبس مايوه وتتشال كدة ترضى تتعاكس”.
فى المقابل اتهمت “سمية”، مقدمة وفريق البرنامج، بسرقة الصور الشخصية من هاتفها المحمول أثناء اللقاء الذى أجرته معها.
الأزمة تتطورت، بعد ما اقترفته المذيعة بحق الفتاة، وبدأت حملات المطالبة بمحاكمتها، وإيقافها، وانتشرت انتشارًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعى، فيما ظهرت “سمية” بعد هذا الفعل، فى أحد البرامج ذات المشاهدة التلفزيونية العالية وهو “العاشرة مساءً”، لتصبح الفتاة حديث المجتمع المصري، وتزداد وتيرة الاستنكار الشعبي، وترتفع موجة جماهيرية ترفض خروج المذيعة من المأزق دون حساب كما جرت العادة فى حلقات قدمتها سابقًا، عن ضحايا حوادث اغتصاب، أو عن أزمة اللاجئين السوريين، أو الجن والشعوذة.
وهنا نجحت مواقع التواصل الاجتماعى، فى فرض قرارها وكلمتها، بعد ساعات من ذيوع دعوات مقاطعة الشركات الراعية للبرنامج، والتى سارعت بإعلان استجابتها لمطلب الجمهور العريض، وإيقاف رعايتها لبرنامج “صبايا الخير”.
وتراجعت القناة المذيعة للبرنامج، عن لقاء كانت قررت إذاعته بهدف امتصاص الغضب الشعبي، ولتمرير الأمر، حيث كانت ستظهر “سعيد” مع الصحفي “خالد صالح” الذى استضافها من قبل، فى موقف شبيه بعد حلقة “الجن” الشهيرة.
حتى اللحظة، لم يتوقف الحديث عما ارتكبته المذيعة من جرم، ومازال القلق بشأن مصير البرنامج ومقدمته قائمًا، خاصة فى ظل ضبابية المشهد وعدم وضوح موقف القناة الفضائية كليًا.
لذلك يستمر الضغط، حيث أعلن عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عن وقفة احتجاجية يوم 10 نوفمبر، أمام المجلس القومي للمرأة، للمطالبة بحق الفتاة “سمية”، ومحاكمة ريهام سعيد، تفعيل قوانين مكافحة التحرش الجنسي.
انتهاكات إعلامية .. مهنية .. أخلاقية
من جانبها، ترى الدكتورة “هويدا مصطفى” أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن التناول الإعلامي لقضية الفتاة “سمية”، عبر القنوات المختلفة، لم يكن تناولًا مهنيًا وشابه انتهاكًا لخصوصية الأفراد وهي جريمة يعاقب عليها القانون.
وتابعت “مصطفى”: التناول الإعلامي للقضايا المجتمعية بشكل عام والتي تخص المرأة بشكل خاص مثل التحرش والاغتصاب، تناول سلبي ويتم في إطار تجاري لحصد مزيد من الإعلانات، فما يحدث هو التهافت بين الإعلاميين على مثل هذه القضايا للحصول على نسب مشاهدة عالية.”
وأضافت “مصطفى” فى تصريحات خاصة لــــ”ولها وجوه أخرى”، أن مواجهة مثل هذه الظواهر يتحقق من خلال تفعيل القوانين، ووضع ميثاق شرف إعلامي يلتزم به الإعلاميين كافة.
وأشارت إلى أن هناك مشاريع قوانين عدة أمام الدولة لانشاء المجلس الأعلى للإعلام لوضع اَليات للرقابة والمتابعة والمحاسبة، مؤكدةً أن الإعلاميين يستغلون الفراغ التشريعي والإعلامي، مع الإشارة إلى أن القنوات الفضائية الخاصة الاَن لا تتبع جهة إعلامية بل عدد من الشركات التي لا هدف لها سوى الربح “.
وعن احتمالية عودة “ريهام سعيد” للظهور على الشاشة مرةً أخرى، تقول الدكتورة “هويدا مصطفى”: “الإعلامي فرصة واحدة ومصداقية، وحالة الرفض الشعبي التي واجهها بها المواطنيين بعد هذه الحلقة، تجعل ظهورها مرة أخرى بنفس الممارسات أمرًا صعبًا للغاية.
واختتمت بالقول:”نسب المشاهدة التي يستند إليها بعض لتبرير نجاح أحد الإعلاميين غير حقيقية ولا ينبغي وضعها في الحسبان لأن الجمهور كثيرًا ما يتتبع محتوى إعلامي من باب الفضول ليس أكثر.”
الكلمة العليا لــ”مواقع التواصل الاجتماعى”
دشن الناشط “وائل عباس” هاشتاج “موتي يا ريهام” على موقعي التواصل الاجتماعي “فيس بوك تويتر”، وتفاعل معه عدد كبير من المستخدمين، وتصدر الوسم موقع تويتر تحديدًا.
وتتابعت الوسوم، مثل حاكموا_ريعم_سعيد ، أوقفوا_ريهام_سعيد، قاطعوا_ قناة_النهار، وجميعها لاقت استجابة واسعة.
وعن هذا الجانب فى القضية، يتحدث ماجد عثمان رئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام “بصيرة”، ويقول: “مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدًا فيس بوك وتوتير، أظهرت قوة حقيقة خلال الفترة الماضية من خلال مواقف اتخذتها بدءًا من تصريحات وزير العدل انتهاءً بفتاة المول، وأصبحت لها دلالة قاطعة على قدرتها على مواجهة أمور كثيرة ربما عجزت الحكومة عن القيام بها .
وتابع فى حديثه لــ”ولها وجوه أخرى”: “مواقع التواصل الاجتماعي لها إسهامات عديدة ومنها تواجد وانتشار عناصر الشرطة النسائية عقب ظهور منظمات تواجه وتحارب التحرش الجنسي”، ولفت إلى أن هذه الحملات عُرضة للتكرار، ولكن حسب ظروف وملابسات القضية التي يتم تناولها .
المجتمع المدني ..يستند للدستور فى مطالبته بمحاكمة “ريهام سعيد”
بادرت المنظمات الحقوقية والنسوية، بإصدار عدة بيانات للإدانة ومطالبة المؤسسات الإعلامية والإعلاميين بمراعاة المهنية في عملهم واحترام وتطبيق مواد ونصوص الدستور، وعدم العبث بالحياة الشخصية للمواطنين، استنادًا للمادتين “51”و “57”، حيث تنص الأولى على “الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها.”
والثانية على “للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس ، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مُسبب، ولمده محدودة، وفي الأحوال التي يبينها القانون.”
وكانت “شفت تحرش” فى مقدمة المبادرات، التى استنكرت ما حدث وطالبت بمحاسبة المذيعة وإيقاف برنامجها، كما أكدت على ضرورة استصدار ميثاق شرف إعلامى.
لذلك تواصلنا مع “فتحى فريد”، منسق مبادرة “شفت تحرش”، والذى أكد أن أدوات المجتمع المدني في مصر قليلة، ومن ثم فإنها تتخذ مواقفها وفقًا لهذه الأدوات.
وحول التصعيد القضائي لفت فريد” إلى أن منظمات المجتمع المدني وحقوق المرأة، ليس لها الحق في تحريك دعوى ضد ريهام سعيد، إلا بعد طلب صاحبة الشأن مشيرًا إلى ان هناك العديد من منظمات الحقوقية التي عرضت المساعدة على الفتاة إلا أنها لجأت إلى أحد المحامين وهنا ينتهي دور منظمات حقوق الإنسان.
وبشأن الموقف القانوني للقناة، قال: “القناة لن تواجه أي اتهامات في حالة تحريك الدعوى خاصة وأن البرنامج تم اذاعته على الهواء مباشرة ولم يكن مسجلًا.”
واختتم “التهم التي تواجهها مقدمة البرنامج هي مخالفة المادة 51 و57 من الدستور المصري والتي تتعلق بانتهاك خصوصية الحياة الخاصة”، متوقعًا أن تصل مدة العقوبة إلى 5 سنوات.
أخيرًا .. تبقى قضية “ريهام سعيد” وما ارتكبته مع فتاة المول، معلقة بين هدوء ممزوج بترقب، ورضا ممزوج بارتياب فى انتظار ما ستفصح عنه الأيام المقبلة فى هذا الصدد.