نعم المطلقات و المعيلات يعانين أكثر … لم يعد وجود أم مطلقة وحدها مع أطفالها، يسرّع فى حصولها على سكن في مصر، إن الحصول على وحدة سكنية حلم يراود السواد الأعظم من المطلقات والمعيلات وأيضًا المعنفات.. شريحة كبيرة من النساء المعنّفات أو المطلّقات أو الأمهات غير المتزوجات، اللواتي ينفصلن عن شريك حياتهن ولا يجدن سكنًا يؤمّن لهن ولأطفالهنّ أبسط أساسيات الحياة الكريمة، يعانين من حالات نفسية تؤثر على حياتهن وعلى حياة أطفالهن بسبب عنف أزواجهن تجاههن وتجاه أبنائهن.
أم مُعنفة مطلقة مهددة بالطرد إلى الشارع،  هي أم لطفلتين، تعاني إحداهما من مشكلات في الجهاز التنفسي، والثانية لديها مشكلة في السمع والنطق، انفصلت الأم عن زوجها، بسبب ما تعرضت له من عنف وضرب ولإدمانه المخدرات.
تعاني هذه السيدة من مشكلةً كبيرة في الحصول على سكن مستقر لها ولبناتها، خصوصًا أنها مُطالبة بترك سكنها المؤقت الذي وفرته لها إحدى المؤسسات التى تعمل بحقوق النساء .
أهم شئ لدى الأطفال هو السكن المستقر وعدم التنقل المستمر، تعيش هذه السيدة الآن تحت التهديد بطردها من شقتها إلى الشارع إذا لم تجد سكنًا اَخرًا بعد انتهاء مدة العقد، فهي لا تستطيع الحصول على سكن لأنها ليس لديها عمل، إضافةً إلى أنها لا يمكنها ترك طفلتيها بمفردهما..للاَسف كل الحلول وقتية .. لا حل دائم!
تقول لم تحل مشكلتى، وأبلغتنى الأخصائية أننى يجب أن أترك البيت، وقالت لى “إنك أم قوية ويجب أن تجدي بنفسك شقة لك ولأطفالك”  المعاناة التي تعانيها هذه السيدة، هي مثال يعكس حالات عديدة في المجتمع المصرى، حيث أصبحت الكثير من الأمهات المعنفات اللواتي يتحملن مسؤولية إعالة أطفالهن، في مواجهة مؤلمة مع متطلبات الحياة الصعبة والمعقدة، مثل تأمين السكن، وإيجاد العائد المناسب، وإيجاد مصروفات العلاج، والمدارس، .. إلخ بدل الاعتماد على المعونات الإجتماعية التي لا تسد سوى الحد الأدنى من حاجات الأطفال والأسرة، كما أن مسؤولية تربية الأطفال، التي تقع في حالة الطلاق على الأم بمفردها، وتأمين حاجاتهم ومستلزماتهم منفردة يضعف قدراتها على إيجاد العمل المناسب، ما يؤدي إلى صعوبة بالغة في تأمين سكن دائم لها ولأطفالها، لأن أصحاب السكن عادة يؤجرون الشقق ببالغ الصعوبة إلى من لا عمل لهم، وحتى عندما أرادت الدولة حل مشكلة الإسكان وفتح باب التقديم للوحدات السكنية لمحدودى الدخل لم تراع فى الشروط المعلنة المطلقات والمعيلات وكأن النساء المطلقات لا يعيشن تحت مظلة هذا الوطن.
حتى الشروط جاءت مجحفة بحق النساء المطلقات والمعيلات فمن أين ستحصل المطلقات على شهادة بصافى الدخل الشهرى أو السنوى والمحتمل أن بعضهن لا يعمل لعدم وجود فرص عمل أو تعمل بائعة فى محل أو مكتبة، ومن أين ستأتى ببطاقة ضريبية أو سجل تجارى..التحايل جريمة لن تؤدى إلى نتيجة.
إذًا لن تجد حل أمامها سوى أن تلجأ إلى محاسب قانونى وتعطيه أتعابه وتستخرج شهادة مختومة بختمه بصافى الدخل كأنها تعمل فى مهن حرة ( اللى هو أساسًا مش موجود) (مضروبة) بالإضافة إلى أنها ستلجأ إلى طلب المساعدة المالية حتى تدبر مبلغ مقدم الشقة حتى تتمكن من الحصول على شقة ..والله أعلم بنتيجة القرعة ؟!
إن سياسات الحكومة فشلت خلال الأعوام الماضية في حماية حق المطلقات والمعيلات في توفير سكن ملائم لهن و لأبنائهن على الرغم من إنفاق المليارات كل عام لبناء وحدات إسكان لمن تطلق عليهم اسم “محدودي الدخل” وبسبب تجاهل سياسات السكن في مصر للفئات المهمشة “المعيلات والمطلقات ” والأكثر فقرًا وتراجع دور الدولة في توفير مساكن بأسعار ملائمة، أدى إلى لجوء المواطنين إلى مجهوداتهم الذاتية في توفير مسكنهم الذى أدى بدوره إلى إنتشار ما يسمى بالإسكان العشوائى، وسكان تعانى من نقص وتدنى الخدمات الأساسية وغياب الشروط اللازمة للسكن الملائم من مياه نقية،  صرف صحى، خدمات تعليمية، صحية وغيرها أن حل أزمة الإسكان فى المقام الأول هو حل تشريعي يتمثل في تعديل قوانين الإيجارات وقانون الضرائب العقارية وصياغة تشريعات جديدة تسمح بفتح الشقق الخالية التي لم تسكن من قبل، بالإضافة إلى سن قوانين تساهم فى تحسين وضع الملاك عن طريق إلغاء الامتداد القانونى للمساكن أو قانون يسمح برفع القيمة الإيجارية ومضاعفته بحيث يصبح عبئًا على من يريد الاحتفاظ بالوحدة السكنية، وفى الوقت نفسه يعود بالفائدة على الملاك أو أن يعطى حق للمستأجر أن يعرض تلك الوحدات للبيع في حال عدم الانتفاع بهاة لمدة تصل لـ 5 سنوات مما يتيح الفرصة لانتفاع الآخرين بها والمساهمة في حل أزمة الإسكان للمطلقات والمعنفات .
أيضا يجب تعديل قانون التمويل العقارى الذى لا يتناسب مع تلك الفئات التي تستحق أن تعولها الدولة، والذي يتطلب ملكية مسجلة لعقار أو دخلا ثابتًا أو العمل في جهة رسمية وذلك حتى يمكن الاستفادة من قرض تمويلى لمسكن وهو لا يتناسب مع ظروف المطلقات والمعيلات في مصر.
أخيرًا نأمل أن يصل صوتنا وصوت من نعبر عنهن المعيلات والمطلقات والمعنفات وفى المقدمة الأطفال نتاج هذا الزواج الفاشل وتساهم الدولة فى حل مشكلة الإسكان لهن والتى تؤرقهن، فعار على مصر أن يكون من بين مواطنيها عشرات الآلاف من الأسر تعيش فى المقابر مع الموتى خاصة فى القاهرة، ويصيب الناس باليأس والضغوط فأنت لن تتخيل إحساس وشعور هؤلاء الأطفال وأمهاتهم، الذين يعيشون بين المدافن وهو أمر يخلق إحساسًا بالدونية، خاصة عندما يشاهدون القصور والفيلات والشقق الفاخرة، التى يتجاوز ثمنها ملايين الجنيهات..
معاناة أطفال ونساء كل ذنبهن أنهن تزوجن رجال لا يعون ما معنى الرجولة والمسؤولية.. ويبقي السؤال، هل ستستطيع الدولة المصرية تحقيق حلم المطلقات والمعيلات في الحصول علي أبسط حقوق أبنائهن وهو الحق في السكن؟ أم ستستمر الوعود البراقة دون تحقيق أي منها.