رباب كمال: التصريح شائن وعنصري ويتطلب اعتذار رئاسة الوزراء وليس أى هيئة أقل منها.
جواهر الطاهر: اعتذار المحافظ أولًا ثم إقالته لتأكيد احترام الدولة للمرأة.
رباب عبده: حديث المحافظ يمثل إهانة للمرأة وإنكار لدورها الفعال في رفعة الوطن.
“في الأرياف إحنا عارفين إن لما الرجالة تتكلم الستات تسكت”
نقطة ومن أول السطر وضعها المستشار وائل مكرم، محافظ الفيوم، خلال حديثه مع مجموعة من المواطنين، مطالبًا إحدى السيدات بالتزام الصمت وعدم المشاركة فى الحديث الدائر بينه وبين المواطنين الرجال.
ومن هذه النقطة يتعين على الجميع أن يستفيقوا من غفلتهم ويدركوا حقيقة العقلية التي تدار بها الدولة المصرية، وعلى السيدات فى هذا الوطن أن يعرفن أنهن فى عُرف أى نظام سياسي، سواء كان دينيًا أو مدنيًا تقدميًا، ليست أكثر من “عورة” فصوتها  لاينبغي أن يُسمَع، وعليها السكوت للأبد.
يبدو أن النساء فى هذا البلد، مجرد أصوات انتخابية ووريقات رابحة يستغلها أي رئيس أو وزير أو مرشح انتخابي، ليبدو شخصًا متحضرًا ومناصرًا لحقوق النساء، وعندما تنقضي هذه المصلحة الوقتية، عليهن العودة إلى الصفوف الخلفية يلتزمن بيوتهن أو بدقة أكثر على فراش الزوجية، وكأن هذا هو الدور الأول والأخير لها فى عقلية هذا المجتمع.
إذا قلنا أن ما قاله محافظ الفيوم يعكس بقوة العقلية التي تدار بها الدولة فلا مبالغة فى ذلك، فبنظرة سريعة على الحكومة الحالية، نجد أننا لا نملك سوى ثلاث وزيرات بواقع 8% من مجمل عدد الوزراء، ولا يمكن إغفال واقعة استبعاد محافظ الشرقية بعد أن تم تعينه  لعدد من السكرتيرات بمكتبه لأنه يخشي على نفسه من الفتنة بحسب ما قال.
بالإضافة إلى، واقعة وزير الثقافة السابق الدكتور عبد الواحد النبوي الشهيرة، عندما سخر من مظهر موظفة بمتحف محمود سعيد بالاسكندرية، وطلب منها أن تخفض وزنها، وكثير من المواقف المعادية للنساء من قبل الدولة، أكثرها وحشية كان سحل وتعرية “ست البنات” في ميدان التحرير.
من جانبها، قالت “رباب كمال” وكيل مؤسسي الحزب العلماني المصري تحت التأسيس، منذ حوالي شهرين اهتز الرأي العام الانجليزي حين صرح “توم هانت” الحاصل على جائزة نوبل في الطب عام 2001، بأن النساء لا يصلحن للعمل في المختبرات، وعلى الرغم من أن التصريح قاله في مؤتمر بكوريا الجنوبية، إلا أن الرأي العام البريطاني ضغط عليه حتى قدم – العالم الجليل الذي لم يتناسب تصريحه مع علمه- استقالته من جامعة لندن.
وأضافت “كمال”، فى تصريحاتها لــ”ولها وجوه أخرى” أن الدول التي تحترم قيمة الفرد والمواطن وتحترم قيمة المرأة كنصف المجتمع لا تقبل أن يصدر عن شخص أيًا كان ومهما قدم للمجتمع وأيًا كان منصبه، مثل هذه التصريحات العنصرية .
وأكدت “كمال” أنه كان على محافظ الفيوم أن يدرك أنه ليس شيخ قبيلة حين نهر امرأة تشكو من مشكلة الصرف الصحي ليقول لها “عيب” و يلزمها الصمت عند حديث الرجال.
وشددت وكيل مؤسسي الحزب العلماني، أن التصريح شائن وعنصري، ويحمل رسالة تمييز على أساس الجنس، غير تلك التي تتبناها الدولة (على الأقل في توجهها السياسي)  ولا علاقة له بالعمل العام من قريب ولا بعيد، وفي حقيقة الأمر أن الاعتذار الواجب عن تلك التصريحات المهينة، ولابد أن يصدر الاعتذار من رئاسة الوزراء، وليس هيئة أقل من ذلك .
فيما ترى “رباب عبده”، المحامية ونائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، أنه على الرغم من أن المرأة المصرية أعادت صياغة الواقع السياسي المصري بمشاركتها الفاعلة حتى الاَن، إلا أنها مازالت تعاني من بعض المواقف الفردية والتي تعبر عن ممارسات تتميز بالتعنت الواضح والصريح لدي البعض ممن لايؤمنون بالمساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم، ويتضح ذلك في تهميش دور المرأة  على الرغم من ما تلعبه من دور أساسي وداعم لمسيرة التحول الديمقراطي، فالمرأة تواجه أشد وأقصى أنواع التمييز العنصري وعدم المساواة بينها وبين الرجل لدي بعض المسئولين التنفيذيين، وهو ما عبر عنه مقطع الفيديو الخاص بمحافظ الفيوم.
وأضافت “عبده” أن ما قاله المحافظ لا يمثل إهانة للمرأة فحسب، بل ينم هذا الموقف عن أن المحافظ لا يعي ولا يدرك أن مبدأ المساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم على أساس الدين أو العرق أو اللون أو النوع الاجتماعي، من أهم دعائم وركائز الدستور المصري والذي أقسم هو على احترامه .
وأشارت “عبده” إلى أن طريقة تعامل المحافظ مع المرأة البسيطة حملت نوعًا من الإقصاءوالتعالي وعدم احترام الرأي والرأي الاَخر ومن ثم عدم قبول الآخر وهو يمثل إنكار لدورها وتهمشيها بصورة تتسم بالتعمد بالبعد عن المشهد بشكل عام .
وطالبت نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الاحداث وحقوق الإنسان،  بضرورة اتخاذ موقف حاسم مع هذا المسؤول التنفيذي الذي انكر مبدأ المساواة وحتي لا يعتبر هذا الموقف ( الفردي ) معبرًا عن توجه الحكومة بالكامل مما يثير استياء عام ويخلط العام بالخاص في مثل تلك المواقف التي تثير نوع من السخط المجتمعي والإستهجان .
وأكدت “عبده” أنها تتمني أن تجد اعتذارًا رسميًا من جانب رئاسة مجلس الوزارء  للمرأة عما اصابها من اهانة وعدم تقدير، وقالت: “المرأة تمثل حوالي  ٤٩.٥٪ من جملة السكان وككتلة تصويتية تمثل ٤٩٪فبأي حق ينكر دورها ويمارس ضدها نوع من التمييز أو الإقصاء، وعدم اتاحة الفرصة لتوضيح رؤيتها ، كل هذا في ظل وجود نص المادة ١١من الدستور المصري التي نصت صراحة على المساواة بين الرجل والمرأة في كافة المجالات والحقوق والواجبات.”
فيما استهلت جواهر الطاهر – مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، حديثها لـ”ولها وجوه أخرى”، بالتأكيد على أن تصريحات محافظ الفيوم مخالفة للدستور، مشيرة إلى أن المحافظ يتكلم بعقلية أهل الريف وبموروثاتهم الثقافية التي لا تتناسب مع كونه في منصب رسمي، وعندما تحدثت السيدة وأرادت عرض شكواها، كان عليه أن يتوقف ويستمع إليها ولا يهينها وكأنها صفر أو كم مهمل ليس لها حق المطالبة بحقوق.
وتساءلت “الطاهر”، ” لماذا تطالب الدولة وتحرص بشدة على مشاركتهن فى الاستحقاقات الانتخابية، وتشيد بدورهن وتواجدهن؟، أليس من وجهة نظر محافظ الفيوم الذى يحتقر صوت المرأة، أن الأفضل أن تتوقف النساء عن المشاركة السياسية فيما هو مقبل؟
وتابعت “الطاهر”: ” إهانة أي سيدة مصرية هو أمر مرفوض خاصة أن هذه الإهانة جاءت من شخص يمثل الدولة والقانون ، لذا أطالب باعتذاره الرسمي للسيدة التي أهانها، ثم موقف مسؤول من الدولة وقياداتها باقالة المحافظ بعد الاعتذار، حتى لاتتكرر مثل هذه الوقائع مرةً ثانية، وتبرهن الدولة أنها تحترم النساء وحقوقهن وأنها تحارب التمييز والعنف ضدهن .