النسـاء خلف الشاشة الرمضانية: أسمـاء ثبتت أقدامها داخل الدائرة شبه المغلقة.. وأخرى غابت فأحكم الرجال قبضتهم
في خمسينيات القرن الماضي، قدّمت الإذاعةُ المصرية لجمهورها أول مسلسل معد خصيصًا لشهر رمضان وهو «ألف ليلة وليلة»، ليصبح الحبةَ الأولى في عقد طويــل من مواسم الدراما الرمضانية المصرية، التي بدأت إذاعية ثم جمعت بين الإنتاج الدرامي الإذاعي والتلفزيوني معًا، قبل أن تتراجع الإذاعــة بشكل كبيـر أمام التلفزيون، وتغدو الدراما التلفزيونية هي أساس الإنتاج الدرامي المخصص للمواسم الرمضانيـة؛ تلك المواسم التي يتسابقُ صنّاع الدراما المصرية للمشاركة فيها كل عام، أملًا في الوصول إلى قطاعات جماهيرية واسعة داخل مصر وخارجها في شتى الدول الناطقة بالعربية، بما يمنح جميع العناصر المساهمة في صناعة هذه الأعمال، فرصًا مادية ومعنوية كثيرة.
خلال العقدين الأخيرين باتت المواسم الرمضانية شديدة التكدس بالأعمال الدرامية، إذ وصل إنتاج المسلسلات المصرية المخصصة للعرض في بعض المواسم إلى 40 مسلسلًا للواحد منها، مما أعطاها أولويةً لدى الباحثات والباحثين المهتمين بتحليل المنتجات الدرامية، بغية الخروج بمؤشرات حول اتجاهات صانعات وصنّاع الدراما، فيما يتعلق بالثيمات الدرامية الطاغية، والقوالب الذائعة، والخطاب المسيطر، والتنميطات الشائعة، ومدى السيطرة الذكورية أمام الشاشة وخلفها.
تابعت «ولها وجوه أخرى» خلال السنوات السبع الأخيرة، حضـور النساء أمام الشاشة وخلفها في دراما رمضان، فضلًا عن قراءة وتحليل العديد من المسلسلات التي أدركت السباقات الرمضانية في هذه السنوات من منظور نسوي.
وبناءً على هذه المتابعة، تبين أن حضور النسـاء كمشاركات في صناعة الأعمال عبر الأدوار الرئيسة خلف الكاميرا كان مستقرًا داخل حيز محدد، إذ أن عدد النساء اللاتي شغلن هذه الأدوار، وفي مقدمتها الإخراج والتأليف والإنتاج وإدارة التصوير ظل ضئيلًا على مدار سبع سنوات، ومكثت أسماء من شاركن خلال هذه الفترة شبه ثابتة، وفي حال تغيّب أي منهن تختفي العناصر النسائية عن هذه المواقع. ويؤكد ذلك أن مسألة تَمكُّن النساء من قيادة الأعمال الدرامية لا تزال تراوح مكانها، رغم الزيادة الملحوظة في تغلغل جيل جديد من المبدعين الشباب إلى صناعة الدراما التلفزيونية المصرية إبان العقد الأخير، يُحسَب لهم إحداث تغيير دامغ وتطور واضح في صناعة الدراما خاصة فيما يخص نوعية الموضوعات والمعالجات الدرامية والعرض البصري، ولكن هذا الجيل كسابقيه لم يحقق أي تقدم في مسألة دمج النساء داخل صناعة الدراما، ولذا يستمر التهميش والتمييز الصارخين ضدهن.
بادئ ذي بدء:
يشارك في موسم دراما رمضان للعام 2021، 27 مسلسلًا مصريًا يعرضون لأول مرة، ويقدم المنتج تامر مرسي عبر شركته سينرجي (Synergy) 13 مسلسلًا، أي أن ما يقرب من نصف الإنتاج الدرامي في هذا الموسم تحتكره شركة إنتاج واحدة، وقد استحوذ المنتج تامر مرسي أيضًا في موسم رمضان الماضي (2020) على 40 في المئة من الإنتاج، بينما سيطر في موسم رمضان للعام 2019 على 60 في المئة من مسلسلاته.
فضلًا عن ذلك، هناك ستة مسلسلات من المجموعة المتبقية في هذا الموسم، ينتجها ثلاث شركات مملوكة لرجال هم: جمال العدل (الذي ينتج مسلسلي ضد الكسـر وحرب أهلية)، وإسلام مرسي (الذي ينتج مسلسلي كله بالحب والمداح) وصادق أنور الصباح (الذي ينتج مسلسلي لحم غزال وملوك الجدعنة).
منطق المحاصصة الذي بات الأساس في إنتاج الدراما المصرية سينمائية كانت أو تلفزيونية، يردُفه تفضيل لأسماء بعينها من صنّاع الدراما، وتركيز على موضوعات أكثر من غيرها. ونظرًا إلى أن نصف مسلسلات هذا الموسم تقريبًا تخرج من جعبة شركة واحدة، ينحسر التنوع بين الموضوعات المطروحة في هذه الأعمال؛ إذ تتناول ثلاثة مسلسلات قضية الإرهاب وتعامل أجهزة الدولة معها خلال السنوات الأخيرة (مسلسلات: الاختيار 2 – القاهرة كابول – هجمة مرتدة)، وجميعها من إنتاج شركة سينرجي (Synergy) لصاحبها تامر مرسي، وتنتمي الأعمال الأخرى إلى الدراما الاجتماعية الشعبية، ودراما الإثارة والتشويق، والدراما الكوميدية، بالإضافة إلى مسلسل وحيد يندرج تحت تصنيف دراما الخيال العلمي، وهو «كوفيد 25» للكاتبة إنجي علاء والمخرج أحمد جلال، ومن بطولة يوسف الشريف وأيتن عامر.
وفي ضوء الاتجاه نحو الاحتكار، أضحت مشاركة المنتجات في المواسم الرمضانية أمرًا نادرًا، إذ شهد الموسم الماضي منافسة المنتجة شيرين مجدي فقط بمسلسل «القمر آخر الدنيا» من بطولة درة وإخراج تامر حمزة، بينما غابت المنتجات تمامًا عن موسم رمضان للعام 2019، بعد أن سجل موسم رمضان للعام 2018 مشاركة المنتجة مها سليم بمسلسل «الرحلة» من بطولة ريهام عبد الغفور وباسل خياط، والمنتجة منى قطب كشريكة في إنتاج مسلسل «بالحجم العائلي» من بطولة يحيي الفخراني وإخراج هالة خليل، وفي الموسم الحالي يعود اسم نسائي وحيد من هذه الأسماء وهو منى قطب، كمنتجة شريكة لمسلسل «ولاد ناس».
وخارج مواسم رمضان، كانت المنتجة منى قطب قد قدمت بالتعاون مع شريكها إبراهيم حموده مسلسل «أبو العروسة» المنقسم إلى جزئين، عُرِض الأول منهما في العام 2017 والثاني في العام 2019، وقد حقق كلاهما نجاحًا جماهيريًا كبيـرًا. وتكشف المسلسلات التي شاركت في إنتاجها قطب خلال السنوات الخمس الأخيرة، انحيازًا إلى الموضوعات التي تخص الأسرة، وعلاقة أفرادها ببعضهم البعض، وعلاقة الأسرة نفسها بالمجتمع، من خلال معالجات درامية تعزز التوزيع النمطي للأدوار داخل الأسرة، وتؤطر لتصوّرات أخلاقية نمطية عن العائلة والمجتمع.
العدد الضئيل للنسـاء المنتجات في عالم الدراما سواء السينمائية أو التلفزيونية، هو مشكـلة طويلة العمر، رغم أن صناعة السينما في مصر أرسى قواعدها منتجات مثل عزيزة أمير، وبهيجة حافظ، وفاطمة رشدي، وآسيا داغر؛ ويعود ذلك لأسباب اجتماعية واقتصادية عديدة، يوازيها بسط الدولة سيطرتها على الإنتاج الدرامي عمومًا والتلفزيوني خصوصًا، على مدار عقود عبر اتحاد الإذاعة والتلفزيون وصوت القاهرة، وهو ما تفعله في الوقت الحالي بشكل غير مباشر، إلا أن ما يتبع ذلك من غياب للتنافسية وهيمنة أفراد بعينهم على الصناعة، يؤدي إلى خفض الفرص القليلة في الأصل أمام النساء الطامحات إلى اقتحام هذا المجال.
مخرجة وحيــدة لمسلسل البطل «مفتول العضلات»
شاركت مخرجتان في ثلاثة مواسم من المواسم السبعة الماضية التي تابعناها، بينما سجل عدد قليل من المخرجات مشاركة وحيدة، والمخرجتان هما: كاملة أبو ذكري التي شاركت في موسم العام 2014 بمسلسل «سجن النساء»، وموسم العام 2017 بمسلسل «واحة الغروب»، وموسم العام 2020 بمسلسل «بـ100 وش»، والمخرجة شيرين عادل التي شاركت في موسم العام 2014 بمسلسل «دلع بنات»، وموسم العام 2015 بمسلسل «مولد وصاحبه غايب»، وموسم العام 2019 الذي شاركت فيه بمسلسلين هما «شقة فيصل» و«هوجان».
وفي موسم العام 2021، تشارك شيرين عادل بمسلسل «النمر» للمؤلف محمد صلاح العزب، ويقوم ببطولته محمد إمام وهنا الزاهد، وهي المخرجة الوحيدة التي يظهر اسمها على تترات أي من مسلسلات هذا الموسم، في مقابل 26 مخرجًا أسماؤهم تفترش الأفيشات والتترات.
وبمشاركة شيرين عادل فقط، يسجل الموسم الحالي تراجعًا في مشاركة المخرجات عن الموسم الماضي الذي شهد انخراط ثلاث مخرجات في السباق هن: كاملة أبو ذكري بمسلسل «بـ100 وش»، وإيمان حداد بمسلسل «جمع سالم»، وتغريد العصفوري بمسلسل «واكلينها والعة – الجزء الثاني».
قدمت شيرين عادل في المواسم السبعة الماضية، مسلسلات تنتمي إلى فئة الدراما الشعبية، ويشي أيضًا المقطع الترويجي لمسلسل «النمر» الذي يعرض في هذا الموسم، بأنه ينضوي تحت التصنيف ذاته، وإن كان هذا المسلسل – بناءً على ما جاء في المقطع الترويجي- يدور في فلك البطل ذي البنية الجسدية القوية الذي تزج به الظروف إلى صراعات ذكورية.
الكتابة.. الساحة التي تشهد زيادة وتعددًا في حضورهن
على مدار المواسم السبعة الماضية، كانت السيناريست مريم نعوم الاسم النسائي الأبرز والأكثر حضورًا، فقد شاركت في جميع هذه المواسم فيما عدا الموسم السابق، لتعذر عرض مسلسل «ليه لأ» الذي أدارت فريق كتابته، بعد تجاوز الموعد المحدد لانتهاء التصوير.
تشـارك مريم نعوم من جديد، في موسم العام 2021 بمسلسل «خلي بالك من زيزي»، الذي تتولى مسؤولية الإشراف على فريق كتابته أو ما يعرف باسم ورشة الكتابة الخاصة بالمسلسل، ويضع هذا العمل اسمًا نسائيًا آخر ضمن قائمة الكاتبات والكتّاب المشاركين في هذا الموسم، وهو منى الشيمي التي تقدم تجربتها الأولى في الكتابة للدراما التلفزيونية، بعد مشاركتها في عدد من الأفلام السينمائية كممثلة، وهي: «عشم» للمخرجة ماجي مرجان، و«فرش وغطا» و«ديكور» للمخرج أحمد عبد الله.
للسيناريست عبير سليمان مساهمة كذلك في هذا الموسم عبر مسلسل «ملوك الجدعنة»، مع الأخذ في الاعتبار، إعلانها الانسحاب بعد كتابة 15 حلقة منه. وكانت عبيـر قد شاركت في موسم رمضان الماضي للعام 2020، بتنفيذ الـ«دراماتورج» لمسلسل «القمر آخر الدنيا»، وهي عملية ترتكز على وضع إطار عام لتحوّيل العمل الأدبي إلى عمل درامي من دون الإخلال بالنص الأصلي، كما شاركت في موسم العام 2018 كمؤلفة لمسلسل «لعنة كارما»، الذي أخرجه خيري بشارة وقامت بأداء دور البطولة فيه هيفاء وهبي، وفي موسم العام 2016، شاركت كواحدة من أعضاء فريق الكتابة لمسلسل «الطبـّال» للمخرج أحمد خالد أمين وبطولة أمير كرارة.
يحل اسم إنجي علاء ضمن كاتبات وكتّاب مسلسلات هذا الموسم، فهي مؤلفة مسلسل «كوفيد 25» الذي يخرجه أحمد نادر جلال ويؤدي دور البطولة فيه يوسف الشريف. وهذه هي تجربتها الثالثة في الكتابة للدراما التلفزيونية، وثاني حضور لها في المواسم الرمضانية بعد موسم العام 2015، الذي شاركت فيه كمؤلفة لمسلسل «لعبة إبليس» الذي كان أيضًا من بطولة الممثل يوسف الشريف.
ويمثـل حضور أربع كاتبات في موسم واحد تقدمًا ملحوظًا، بالقياس إلى موسم رمضان الماضي الذي شهد تعاون الكاتبتين عبير سليمان وثناء الهاشم في عمل واحد وهو «القمر آخر الدنيا» في مواجهة غياب تام للكاتبات عن الـ25 مسلسلًا الأخرى التي عرضت خلال ذلك الموسم. الإشكالية ذاتها عرفها موسم رمضان للعام 2019، حيث اشتركت أربع نساء في كتابة مسلسل واحد فقط، وهو «زي الشمس» الذي اضطلعت مريم نعوم بالإشراف على فريق كتابته المكوّن من نجلاء الحديني، ودينا نجم، وسمر عبد الناصر، بينما غابت المؤلفات تمامًا عن بقية مسلسلات هذا الموسم والبالغ عددها 24 مسلسلًا.
أسماء في غيابها لا يظهر اسم نسائي آخر
على الأرجح، لم يسمع المهتمات والمهتمون بصناعتي السينما والتلفزيون، عن امرأة غير المصوّرة نانسي عبد الفتاح تتولى إدارة تصوير أعمال درامية. وبشهادة النقاد والجمهور على حد سواء، لنانسي عبد الفتاح بصمة استثنائية على الشاشة، وقد أضافت بموهبتها وقدراتها الخاصة تميزًا بصريًا لجميع الأعمال الدرامية التي كانت عنصرًا من عناصر العمل فيها. وقد حضر اسمها كمديرة للتصوير في سبعة مواسم رمضانية خلال السنوات العشر الأخيرة وهي: موسم العام 2019 (مسلسل زي الشمس)، وموسم العام 2018 (مسلسل أبو عمر المصري)، وموسم العام 2017 (مسلسل واحة الغروب)، وموسم العام 2015 (مسلسل الكابوس)، وموسم العام 2014 (مسلسل سجن النساء) وموسم العام 2013 (مسلسل بنت اسمها ذات).
ومع غيابها عن هذا الموسم –مثلما غابت عن الموسم الماضي- تفتقد الأعمال الدرامية إلى حضور أي امرأة في موقع إدارة التصوير، الذي يعد واحدًا من ركائز صناعة العمل الدرامي، ويعيد ذلك إلى الواجهة التساؤل حول غياب وتغييب النساء عن مهنة التصوير في الدراما، التي لا يقف وراءها فقط تهميشهن من جانب شركات الإنتاج، وإنما الضغوط الاجتماعية المستندة إلى الاعتقاد النمطي الشائع عن عمل النساء في الدراما التي ينظر إليها البعض بوصفها مجالًا يفرض على العاملين به تقديم تنازلات أخلاقية، وكذلك التوزيع النمطي للأدوار بين الجنسين داخل الأسرة، والافتراضات المسبقة حول عمل المرأة المقبول مجتمعيًا.
الجدل حول «الطاووس» وقضية فندق الفيرمونت.. ملاحظات مبدئية
يتناول مسلسل «الطاووس» الذي يخرجه رؤوف عبد العزيز ويقوم ببطولته جمال سليمان وسهر الصايغ، قصة فتاة تتعرض لجريمة اغتصاب جماعي على أيدي مجموعة ممن يمتلكون المال والنفوذ، إلا أنها تتحدى قوتهم وتلجأ إلى المسار القانوني لإخضاعهم للعقاب، فتجد نفسها ومحاميها في مواجهة فيض من الضغوط والتهديدات والاعتداءات، لإجبارها على التنازل عن الدعوى.
بعد عرض المقطع الترويجي للمسلسل، ربط كثيرون بين القضية التي يدور حولها المسلسل وقضية الاغتصاب الجماعي التي وقعت داخل أحد فنادق القاهرة في العام 2014، والمعروفة باسم «قضية فندق الفيرمونت»، ولكن ما جاء في الإعلان الترويجي، يجلي أن المسلسل لا يستنسخ القصة ويكشف ثمة اختلافات بين القضيتين، حتى في ظل وجود بعض التفاصيل المتشابهة بينهما، كتعرّض فتاة فاقدة للوعي إلى اغتصاب جماعي، ووقوع الجريمة على أيدي شباب من أبناء ذوي السلطة والمال، بالإضافة إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في فضح المعتدين وكشف مزيد من ملابسات الجريمة، إلا أن مكان وقوعها والوضع الاجتماعي والطبقي للناجية في المسلسل لا يتماثلان مع نظيرهما في القضية المشار إليها.
تناول الدراما المصرية لقضايا مشابهة ليس أمرًا جديدًا، فقد سبق أن قدم مسلسل «قضية رأي عام» الذي عُرِض في موسم رمضان للعام 2007، قصة ثلاث نساء تعرّضن لجريمة اغتصاب جماعي، وتتبع في حلقاته معاناتهن بعد اللجوء إلى القضاء لمعاقبة المغتصبين، خاصةً بعد أن تبين أنهم ينتمون إلى عائلات ذات نفوذ مالي وسياسي. وبناءً على ذلك، ليس هناك ما هو مُستغرَب في تناول قضية اغتصاب جماعي في مسلسل حتى إذا كانت تفاصيلها أو بعضًا منها تتشابه مع تلك الخاصة بجريمة بعينها، ويبقى المهم هو المعالجة الدرامية لهذه القضية، وبناء الشخصيات وتأطيرها، وبالتحديد شخصية الناجية، وما إذا كان صنّاع المسلسل سيعمدون إلى تقديم صورة نمطية عن الناجية من جريمة اغتصاب، تحجزها في إطار الضحية الضعيفة التي ما كان لها أن تواجه المعتدين، لولا دعم ومساعدة رجل همام يظهر في ثوب المحارب الطيب الذي يحميها من بطش المجرمين ويساعدها على استعادة حقها، في إعادة للكلاشيه الذي ابتدعته الدراما المصرية منذ نشأتها.
للأسف تشي أفيشات المسلسل بأنه يمضي في هذا الاتجاه، خاصة أن الأفيش الرسمي تبرز فيه شخصية الناجية التي تجسدها سهر الصايغ، في حالة انكسـار بعينين خائفتين، وهي تغطي جسدها بملاءة بيضاء، وقد كُتِبَت كلمة «الطاووس» باللون الأبيض الملطخ بالدماء، وإذا كانت هذه الدماء إسقاطًا على جريمة الاغتصاب، فإن هذا في حد ذاته يعيد التأكيد على مفاهيم الثقافة الذكورية الفجة التي تختصر هذه الجريمة فيما يسمّى بدماء البكارة.
في نهاية هذا العرض، لا يمكننا الجزم بشيء سوى أن هذا الموسم يزيدنا يقينًا بأن تهميش النساء عن قيادة الأعمال الدرامية خلف الشاشة، معالجته لن تكون بانتظار تحركات فردية ومباركتها، لأن ذلك لم يغير شيئًا على مدار سنوات طويلة، وإنما الجدير بمن يريد لذلك أن يتغير أن ينظر إلى الأدوات التي ظهرت في الضفة الأخرى من العالم بعد حِراك #MeToo، وكانت سببًا في جعل قضية تمكين النساء وإنهاء التمييز ضدهن في صناعة الدراما، على قائمة التزامات وتعهدات شركات الإنتاج الكبرى في السنوات المقبلة.