منذ آلاف السنين، شرعت النساء في استغلال موارد الطبيعة لتلبية احتياجاتهن الجسدية الخاصة، ومن بينها ما يخص الدورة الشهرية، وتشير الكاتباتان إليسا ستاين وسوزان كيم في كتابهما «تدفق: القصة الثقافية للحيض»، إلى أن النساء في مصر القديمة استخدمن ورق البردي الناعم لصناعة سدادات تمنع تسرب دماء الحيض، وفي روما القديمة كانت النساء تصنع سدادات من قطع خشبية صغيرة تُلف حولها الأوبار قبل أن يلجأن إلى الأصواف، واستخدمت نساء الشعوب الأصلية في أمريكا الشمالية جلود الجاموس لامتصاص دماء الحيض.

استمرت محاولات النساء وابتكاراتهن التي سعين من خلالها إلى مواجهة تدفق الحيض باستخدام ما تتيحه البيئة المحيطة بهن، إلى أن أضحى الشائع هو استخدام قطع القماش التي يعاد غسلها أكثر من مرة، إلى أن بدأت صناعة الفوط المصممة للاستعمال مرة واحدة، ثم ظهرت السدادات القطنية وكؤوس الحيض، وصارت كل هذه المنتجات قيد التطوير بشكل دائم ومستمر.

وعلى الرغم من أن الاعتماد على هذه المنتجات خلال فترات الحيض أصبح عاديًا وأساسيًا بالنسبة لكثير من النساء حول العالم، لا تزال الأقمشة خيارًا اضطراريًا لأخريات لا يستطعن شراء هذه المنتجات، خاصة النساء والفتيات في الأماكن الأكثر فقرًا وأماكن النزاع في القارتين الأفريقية والآسيوية، وهي الظاهرة المعروفة باسم «فقر الدورة الشهرية».

فيما يلي نستعرض التطور التاريخي لمنتجات الحيض التي جاءت لتحل محل الأقمشة، ونتعرف عبر هذه الرحلة الزمنية إلى الخطاب الذي صاحب ظهور هذه المنتجات وكيفية استقبال النساء لها، وننظر إلى التغيرات التي ساهمت في تشكيل حراك نسوي يسعى إلى إنهاء الوصمة المرتبطة بالدورة الشهرية، ويناهض احتكار الشركات الكبرى لتصنيع منتجات الحيض.

1870 – 1880

بدأت تظهر في بريطانيا والولايات المتحدة إعلانات مطبوعة عن أحزمة مرنة، تلفها المرأة حول خصرها وتثبّت في أشرطتها الأقمشة التي تستخدمها أثناء فترة الحيض لمنع تسرب الدماء، واقتصر نشر هذه الإعلانات على مجلات الأزياء النسائية، مثل مجلة «هاربارز بازار – Harper’s Bazaar» الأمريكية، ومجلة «ميسز سميث – Mrs. Smith» الإنجليزية.

اعتادت النساء على صناعة هذه الأحزمة وارتدائها خلال فترة الحيض منذ القرن الثامن العشر، واستمر استخدامهن لها حتى بعد ظهور الفوط الصحية، إذ صار المألوف أن تثبت النساء الفوط في أشرطة الأحزمة بدبابيس، حتى ظهرت الفوط الصحية اللاصقة فتخلين عنها.

1885

أنتجت شركة «الأخوان ساوث هول وباركلي  – Southhall Bros and Barclay» للأجهزة الجراحية والمنتجات الطبية، أول فوط صحية للنساء في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وكانت مصنوعةً من القطن ومتعددة المقاسات.

نشرت الشركة إعلانات مطبوعة للتعريف بمنتجها الجديد الذي حمل اسم «فوط ساوث هول – Southhall’s Towels»، مستهدفةً نساء الطبقتين المتوسطة والعليا، وبالأخص هؤلاء اللاتي يسافرن عبر البر والبحر، وفي بعض إعلاناتها تظهر جمل مثل: «إلى السيدة السائحة – For Lady Tourist» و«إلى النساء المسافرات – For Ladies Traveling».

وتحسبًا لرد فعل المجتمع المحافظ آنئذ والمتحفظ إزاء مجرد الإشارة إلى الحيض، لم يظهر في الإعلانات شكل الفوط أو كلمة الطمث، وصدرت الإعلانات الأولى بعنوان عريض في أعلاها، نصه «الاختراع الأعظم في القرن العشرين لراحة النساء».

وزعت الشركة «فوط ساوث هول» للبيع في الصيدليات ومحال الملابس الخاصة بالنساء، لا سيما تلك المختصة ببيع الملابس الداخلية والمشدّات التي كانت قطعًا أساسية بين ملابسهن في ذلك الوقت. لكن «ساوث هول» لم تلق قبولًا بين النساء عند ظهورها ولم يقبلن على تجربتها، بسبب القيم الصارمة التي سادت في العصر الفيكتوري بدافع تقييد النساء وأجسادهن، مما جعل سؤال المرأة عن أي شيء يتعلق بالدورة الشهرية مع غرباء خروجًا سافرًا عن الآداب.

ظهرت أيضًا إعلانات لـ«فوط ساوث هول» في الهند، إلا أنها لم تكن مُوّجهة للنساء الهنديات وإنما للإنجليزيات المقيمات في الهند إبان فترة الاستعمار البريطاني، وتحديدًا في مدن مومباي وكالكوتا وبونا، ويظهر أحد إعلاناتها في جريدة «تايمز أوف إينديا –  Times Of India»، في عددها الصادر بتاريخ 23 سبتمبر من العام 1885.

*ملاحظة: تشير بعض المصادر (كتب وأبحاث) إلى أن بداية ظهور الفوط الصحية «ساوث هول» في الولايات المتحدة كان في العام 1888، ونظرًا لأن المقر الرئيس للشركة كان في مدينة برمينغهام البريطانية، والهند في تلك الفترة كانت تحت الاستعمار الإنجليزي، فمن الوارد أن تكون مرحلة الإنتاج الأولى لـ«فوط ساوث هول»، قد انحصرت في بريطانيا وبعض مستعمراتها، قبل أن يبدأ إنتاجها وتوزيعها في الولايات المتحدة الأمريكية.

1895

أنتجت شركة «هارتمان hartmann» الألمانية فوطًا صحية، امتد توزيعها إلى مدن عديدة في أوروبا، ومنها العاصمة البريطانية لندن، وقد ركّزت إعلاناتها المطبوعة على ميزة التخلص السريع من الفوط عن طريق الحرق، بما يعني إزالة عبء إعادة غسل الأقمشة عن كاهلهن. ويتضمن أحد إعلاناتها المُوّجهة إلى النساء في لندن جملة «بنس واحد لكل واحدة أي أقل من تكلفة الغسيل»، والبنس هو أصغر وحدة من النقد المعدني في بريطانيا والولايات المتحدة.

وزعت الشركة عينات مجانية من هذه الفوط الصحية على محال الملابس، مصحوبة بشهادات مكتوبة بأيدي أطباء وممرضات تؤكد جودتها. ومع ذلك، لم يكن حظ «هارتمان» أفضل من «ساوث هول»، نتيجة خوف النساء من وصمهن بـ«فقدان الحياء» إذا اشترين الفوط الصحية واستخدمنها.

1896

أطلقت شركة «جونسون أند جونسون – Johnson & Johnson» الأمريكية، المُصنّعة للمنتجات الطبية والأدوية، فوطًا صحية باسم «ليستر – Lister’s Sanitary Pads»، وكانت كل فوطة مكوّنة من طبقات قطن يغطيها غلاف من الشاش، واستهدفت الشركة في إعلاناتها نساء الطبقة المتوسطة خاصة أن أسعارها كانت مرتفعة، إذ أن ثمن الحزمتين (24 فوطة) كان يصل إلى دولار أمريكي، أي أن الفوطة الواحدة يعادل ثمنها أربعة من البنس الأمريكي.

استنكفت النساء عن شراء «ليستر» فاضطرت «جونسون أند جونسون» إلى سحبها من الأسواق سريعًا، بعد أن تيقنت من أن النساء ما زلن يتحرجن من البحث عن منتج له علاقة بالحيض.

1914- 1918 (الحرب العالمية الأولى)

كانت الممرضات المشاركات في الحرب العالمية الأولى يستخدمن السيليوكوتون (CelluCotton) الذي ابتكرته شركة «كمبرلي-كلارك- Kimberly-Clark» الأمريكية لتضميد جروح المصابين، كبديل للضمادات المصنوعة من القطن والشاش، لتمتعه بقدرة أعلى على امتصاص الدماء. وخلال خدمتهن في الحرب، أدركن أنه بالإمكان استخدام السيليوكوتون لامتصاص دماء الحيض والتخلص منه بسهولة، فبدأن في تجربته ثم صار الأمر شائعًا بينهن.

ملحوظة: تشير بعض المصادر (كتب ووثائق) إلى أن التجربة بدأت بين الممرضات الفرنسيات، ثم صار استخدام السيليوكوتون لهذا الغرض اعتياديًا بين الممرضات اللاتي شاركن في الحرب بين قوات الحلفاء، بينما تشير مصادر أخرى إلى أن التجربة بدأت بين الممرضات الأمريكيات اللاتي شاركن في الحرب ضمن قوافل الصليب الأحمر الأمريكي.

1920

لاحظت شركة «كمبرلي-كلارك» استمرار الطلب على منتجاتها من السيليوكوتون بعد انتهاء الحرب، فأجرت عملية تتبع للمشترين لمعرفة السبب، وتوّصلت إلى أن الممرضات اللاتي شاركن في الحرب هن من يقبل على شرائه، وبمزيد من البحث وجدت الشركة أن السبب وراء ذلك هو استخدامه لمنع تسرب دماء الحيض.

قررت شركة «كمبرلي-كلارك» أن تستغل ذلك وتنتج فوطًا صحية من السيليوكوتون، على ثقة بأن هذه الخطوة ستدر أرباحًا كبيرة عليها، وأطلقت الفوط الصحية باسم «كوتكس – Kotex» وأنتجت أيضًا أحزمة مرنة بالاسم نفسه لتثبيت الفوط فيها، وكانت «كوتكس» مثل سابقاتها من الفوط الصحية متعددة المقاسات، وتباع ملفوفة في ورق الكرافت (الأكياس البنية) لتبدو كأي شيء آخر من البضائع ولا تتحرج النساء من شرائها. كما اتفقت الشركة مع البائعين على وضع العبوات بجانب محطات الدفع داخل الصيدليات ومحال الملابس، في محاولة منها لتجاوز أزمة خجل النساء من طلب الفوط الصحية، وإن كانت بعض الإعلانات تكشف عن تشجيع الشركة على طلبها بالاسم، حيث وردت فيها جملة «اسألي عنها باسمها».

بعد فترة وجيزة، بدأ استخدام حاملات النقود المعدنية في الصيدليات والمحال، فتمكنت النساء من شراء الفوط الصحية من دون حاجة إلى التحدث مع المحاسبين.

ساهمت هذه العوامل في أن تصبح «كوتكس» أول علامة من علامات الفوط الصحية التجارية، تُقبل عليها نساء الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة وبريطانيا، ومن ثم في عدد من الدول الأوروبية والهند أيضًا، إلا أن هذا الإقبال لم يشمل نساء الطبقات العاملة اللاتي ذاع بينهن اعتقاد بأن شراء الفوط الصحية يهدر المال الذي تحتاجه أسرهن لتلبية احتياجاتها الأساسية.

تشير عدد من المصادر ومنها متحف «الحيض وصحة المرأة» الإلكتروني إلى أن أول إعلان لـ«كوتكس» في الصحافة، لم يظهر إلا في الثلاثينيات وكان في المجلة النسائية الأمريكية «إدارة جيدة للشؤون المنزلية – Good Housekeeping»، ولم يتضمن الإعلان صورة لشكل الفوط أو يستخدم كلمة «الحيض» في نصه.

1921 – 1930

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وزيادة التحاق النساء بالجامعات وسوق العمل، زاد استخدام النساء والفتيات للفوط الصحية، وصارت أماكن الدراسة سواء المدارس أو الجامعات تضع أجهزة توزيع الفوط الصحية في الحمامات.

شجع ذلك شركة «جونسون أند جونسون» على تجاوز الفشل الذي ضرب منتجها السابق «ليستر – Lister’s Sanitary Pads»، فأنتجت فوطًا صحية جديدة باسم «نوباك – Nupak»، واستمرت على النهج السائد وقتئذ في الإعلان عن الفوط الصحية، إذ تجنبت إضافة رسوم تصوّرها أو الإشارة الصريحة إلى الهدف من هذا المنتج.

وللمرة الثانية، لم تقبل النساء لا سيما الفتيات الجامعيات على فوط «جونسون أند جونسون»، فلجأت الشركة إلى عالمة النفس ليليان غيلبريث، لإجراء بحث عن تفضيلات النساء الأمريكيات للعلامات التجارية المتاحة من الفوط الصحية.

شارك في إعداد البحث الصادر في العام 1927 بعنوان «تسويق الفوط الصحية» مجموعة من الممرضات، تواصلن بشكل مباشر مع عينة من الطالبات لاستطلاع آرائهن بشأن الفوط الصحية، وتبين أن الفتيات يُفضّلن استخدام «كوتكس» أكثر من «نوباك»، لأن الأخيرة حجمها كبير وسميكة بشكل زائد مما يؤثر على حركتهن.

حاولت «جونسون أند جونسون» الاستفادة من نتائج البحث، وعادت في العام ذاته (1927) بفوط صحية جديدة اسمها «Modess»، أضحت فيما بعد واحدة من المنتجات الرئيسة للشركة.

وبناءً على ما كشفته نتائج البحث، ابتكرت «جونسون أند جونسون» استراتيجية إعلانية مختلفة لمنتجها الجديد من الفوط الصحية، حيث أرفقت بالإعلانات المنشورة في المجلات النسائية «قسائم شراء صامتة»، تقصها النساء ويقدمنها إلى البائعين فيحصلن على العبوة ملفوفة بورق، وذلك بهدف معالجة إشكالية خجل النساء من ذكر اسم الفوط الصحية وقلقهن إزاء رؤية أحد لهن أثناء شرائها.

في إعلانات لاحقة لفوط «Modess» تبدو الرسالة أكثر جرأة مما سبق، إذ اختارت الشركة أن تضع كلمة «الحرية» لأول مرة إلى جانب كلمة «الراحة» التي كانت أساسًا في الترويج إلى منتجات الفوط الصحية منذ ظهورها. وفي أحد هذه الإعلانات أرفقت صورة مرسومة لفتاة تلعب رياضة التنس، وفي إعلان آخر توجد صورة لفتيات يعلبن الكرة الطائرة للتأكيد على أن هذه الفوط ستساعدهن على التحرر من القيود الاجتماعية. وقد جاءت هذه الرسائل متماشيةً مع التحوّل الذي عرفه المجتمع في تلك الفترة التي تُعرَف باسم «العصر التقدمي»، الذي شهد تمرد نساء الطبقة الوسطى على  التقاليد التي فرضها العصر الفيكتوري.

1931

اخترع الطبيب الأمريكي إيرل هاس السدادات القطنية القابلة للتحلل، ثم تقدم في نوفمبر من هذا العام بطلب لتسجيل براءة اختراعه وحصل عليها في سبتمبر من العام 1933.

1933 – 1936

اشترت جيرترود تندريش (سيدة أعمال ألمانية هاجرت إلى الولايات المتحدة) براءة اختراع السدادات القطنية من الدكتور إيرل هاس في العام 1933، لتؤسس أول شركة لإنتاج السدادات القطنية باسم «تامباكس – Tampax».

بدأت جيرترود مشروعها بمفردها وشرعت في صناعة السدادات معتمدةً على ماكينة خياطة في منزلها، وكانت توزع ما تنتجه بشكل محدود لاختبار مدى تقبل النساء للسدادات القطنية.

في شهر يوليو من العام 1936، نشرت شركة «تامباكس» أول إعلان عن منتجها في مجلة «ِAmerican Weekly»، وتصدّرته جملة «رحبن بهذا اليوم\العهد الجديد للأنوثة»، إلا أن رفض النساء للسدادات القطنية كان أشد من رفضهن للفوط الصحية عند ظهورها، إذ ساد اعتقاد حينها بأن استخدامها سيؤدي إلى فض الغشاء المرتبط في الأذهان بعذرية المرأة، فاستهدفت جيرترود في البداية النساء المتزوجات. ومع ذلك، استمر النفور من السدادات واعتبرتها الأسر والعائلات وسيلة غير أخلاقية لتشجيع النساء على لمس أعضائهن الجنسية وتحسسها.

اسم «تامباكس» ينبثق من كلمة «تامبون- Tampon» التي تُستخدَم لوصف السدادة القطنية، ويعود أصل كلمة «Tampon» إلى كلمة فرنسية قديمة وهي «Taper» التي كانت تستعمل لوصف «العوائق»، ثم باتت تطلق على الأقمشة المُستخدَمة لوقف النزيف منذ منتصف القرن التاسع عشر.

1935- 1939

تقدمت الممثلة الأمريكية ليونا تشالمرز بطلب لتسجيل براءة اختراع أول كأس للحيض من المطاط في العام 1935، ثم بدأت في تصنيع كؤوس الحيض والترويج لها في نطاق محدود بعد حصولها على براءة الاختراع في العام 1937.

كان من الصعب أن تقبل النساء آنذاك بفكرة إدخال شيء إلى المهبل، فضلًا عن أن الحرب العالمية الثانية التي اندلعت في العام 1939 عجلّت بنهاية مشروع ليونا، بسبب النقص الحاد الذي لحق بالمطاط لكونه عنصرًا أساسيًا في تصنيع أغلب معدات الحرب.

1941

أطلقت شركة «تامباكس – Tampax» برئاسة جيرترود تندريش حملة لرفع الوعي بالسدادات القطنية ومزاياها، ولتصحيح الأفكار التي انتشرت حولها. كما وجهت الشركة قوافل من الممرضات إلى المدارس والجامعات، وعقدت مؤتمرات ومعارض للتعريف بماهية منتجها وطريقة استعماله، ووزعت عينات مجانية منه لتشجيع النساء على تجربته.

1950

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، قررت ليونا تشالمرز مخترعة كأس الحيض أن تواصل ما بدأته، وتقدمت بطلب لتسجيل براءة اختراع ثانية بعد أن أجرت تعديلات على تصميمها الأول ليكون أكثر فاعلية ويحقق راحة أكبر للنساء، وذلك بعد أن عكفت على تجربته بشكل شخصي لاستكشاف عيوبه وتطويره للوصول إلى النسخة الأفضل منه.

1959 – 1963

أدركت ليونا تشالمرز أنه من العسير أن تتخطى وحدها عوائق التعريف والترويج لمنتج لا يرتبط فقط بالحيض وإنما بالمهبل، خاصة لعدم امتلاكها الإمكانيات التي تملكها «تامباكس» الشركة المُصنّعة للسدادات القطنية، ولذلك قررت في العام 1959 أن تبيع حقوق تصميم كأس الحيض إلى رجل الأعمال روبرت أوريك الذي أسس شركة «تاسيت – Tassette» لتكون المُصنّع والموزع لكؤوس الحيض، وتخوض غمار إزالة اللغط المحيط بهذا المنتج.

في ذلك الوقت، كان من المحظور ذكر كلمة «المهبل» في الإعلانات المطبوعة، وبالتالي اكتفت الشركة بالإعلان عن «تاسيت» بوصفه وسيلة أفضل من السدادات القطنية والفوط الصحية، وأرفقت بإعلاناتها مساحة لتعبئة البيانات حتى ترسلها النساء إلى الشركة، فتصلهن كتيبات تعرفهن إلى الكأس وكيفية استخدامه، وتتضمن معلومات تثبت مأمونيته.

وعلى غرار شركة «تامباكس»، أطلقت «تاسيت» حملة لرفع الوعي بمزايا كأس الحيض ولدحض التصوّرات النمطية المحيطة به، وأرسلت عينات إلى ممرضات ليقمن بتجربتها، ثم ينقلن تجاربهن إلى النساء.

بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الشركة عن تخفيضات في أسعار الكؤوس، وعرضت الكأس القابل لإعادة الاستخدام أكثر من مرة في مقابل 4.95 دولارات، مع إمكانية إعادته واسترجاع ثمنه خلال سنتين بعد شرائه.

نجحت «تاسيت» بقدر كبير في تجاوز الوصمة المحيطة بكؤوس الحيض، إلا أن كثيرات ممن قمن بتجربتها لم يشعرن بالراحة والأمان إزاء فكرة تفريغها من الدماء وإعادة استخدامها، فاضطرت الشركة إلى إيقاف إنتاجها في العام 1963.

على الجانب الآخر، تنامى بشكل كبير استخدام الفوط الصحية بين النساء في الولايات المتحدة والدول الأوروبية، واللافت أن التلفزيونين الأمريكي والبريطاني كانا يحظران في تلك الفترة عرض أي إعلانات عن منتجات الحيض، ولم يسمح التلفزيون الأمريكي بعرضها إلا في العام 1972، وجاءت موافقة التلفزيون البريطاني على عرضها في العام 1986.

ملحوظة: لم تظهر كؤوس الحيض بشكلها الحالي إلا في العام 1987، عن طريق شركة «The Keeper» التي أسستها سيدة تدعى لو كروفورد في الولايات المتحدة، وهي الآن المُصدّر الأكبر لكؤوس الحيض في العالم.

1969

أصدرت الشركات المُصنّعة للفوط الصحية وعلى رأسها «كيمبرلي – كلارك» المنتجة لفوط «كوتكس»، نسخة جديدة تحتوي على شريط لاصق في أسفلها حتى تتخلص النساء من الأحزمة التي كانت تُستخدَم للحفاظ على ثبات الفوط.

أنهت الفوط اللاصقة عصر الأحزمة بعد فترة قصيرة من ظهورها، وتبعتها نسخ أخرى مطوّرة من الفوط الصحية، مثل الفوط الأقل سمكًا والأكثر امتصاصًا، والفوط ذات الأجنحة.

1970 – 1979

في أعقاب الثورة الجنسية التي عُرفت أيضًا باسم «حقبة التحرر الجنسي»، أضحت أجساد النساء وامتلاكهن لها أولوية بالنسبة للحركة النسوية في موجتها الثانية، وتمخض ذلك عن حِراك يدافع عن الحقوق المرتبطة بالدورة الشهرية، ويسعى إلى رفع الوصم عن كل ما يتعلق بها، ويناهض صبغة «التفضُّل» التي لازمت الخطاب الخاص بتسويق منتجات الحيض على مدار عقود، ويقاوم السياسات التي جعلتها امتيازًا لا تتمتع به كل النساء، ويطالب برقابة على الشركات المُصنّعة لهذه المنتجات للتحقق من مأمونيتها الصحية.

1980

سجلت المؤسسة الوطنية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (المعروفة اختصارًا باسم CDC)، إصابة 1500 امرأة بـ «متلازمة الصدمة التسممية -Toxic Shock Syndrome»، التي تتجسد في الإصابة بالحمى والطفح الجلدي وانخفاض ضغط الدم وتؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة.

تبين أن السدادات القطنية (Rely) التي بدأت شركة «بروكتر وغامبل –Proctor & Gamble » في إنتاجها في العام 1975، هي المسبب لهذه المتلازمة التي أدت إلى وفاة 84 سيدة في هذا العام حسب بيانات الـ(CDC)، نتيجة استخدام الشركة لمواد غير آمنة في تصنيع هذه السدادات، بهدف زيادة قدرتها على امتصاص الدماء، وهو ما أسفر عن تسريع نمو البكتيريا المسببة للمتلازمة على أسطحها.

حركت بعض النساء دعاوى ضد الشركة، وأطلقت ناشطات نسويات دعوات لمقاطعة منتجات الشركة بالكامل، مما أرغم «بروكتر وغامبل» على سحب سدادات «Rely» من الأسواق داخل الولايات المتحدة وخارجها.

في أعقاب هذه الأزمة، انطلقت حملات نسوية في الولايات المتحدة تطالب بتشريع يوجب على الشركات الالتزام بمعايير الأمن والسلامة عند تصنيع منتجات الحيض، ويفرض عقوبات مشددة على مخالفيها.

هذه المادة نتيجة عمل مشترك بين عضوات «ولها وجوه أخرى»، بدأ بوضع الفكرة وإعداد البحث المُعمّق، ثم مراجعة وتنقيح المعلومات المُجمّعة، وصولًا إلى التحرير.