على عكس الرائدات اللاتي تطرقنا إلى تجاربهن في مجال الإخراج السينمائي، في الحلقات السابقة من سلسلة «مناهج المخرجات المصريات»، تأتي أمينة محمد لتكون استثناءً بين هذا الجيل، وذلك لأنها لم تكتف فقط باقتحام الساحة السينمائية في بدايتها رغم مخاوف الخسارة والفشل، ورغم تثبيط العزائم المستمر من جانب الرجال خاصة العاملين في مجالي الفن والصحافة، وإنما لأنها خاضت مجموعة من التحديات الأخرى إلى جانب التحدي الأكبر.

“تتبّع «ولها وجوه أخرى» في سلسة «مناهج المخرجات المصريات»، المناهج التي أتبعها عدد من المخرجات البارزات في السينما المصرية عبر أطوارها المختلفة، في محاولة لاستقراء رؤاهن بشأن واقع نساء، ومعالجاتهن السينمائية للقضايا النسوية على المستويين الخاص والعام”

لم تكن الممثلة والراقصة أمينة محمد تملك ما يكفي من المال، عندما قررت أن تنتج فيلمها «تيتاوونج» في العام 1937، فكل ما كانت تملكه عندما قررت القيام بذلك هو 17 جنيهًا، بينما كانت ميزانية الأفلام الكبرى في تلك الفترة تصل إلى آلاف الجنيهات. ومع ذلك، أقدمت على إنتاج وإخراج الفيلم رغم علمها بأن إمكانياتها المادية لن تؤهله ليكون فيلمًا كبيرًا يلقى ترحابًا من مالكي دور العرض، إذ أنه من الصعب أن تضم إلى طاقمه أبطالًا من المشاهير أو المعروفين للجمهور وقتئذ، مثل زكي رستم الذي تصدّر بطولة عدد لافت من أفلام الثلاثينيات، ومن بينها تلك التي أخرجتها الرائدتان عزيزة أمير وبهيجة حافظ. فضلًا عن إدراكها أن خياراتها بشأن من يضطلعون بمهام التصوير، وتسجيل الصوت وتركيبه، وتأليف الموسيقى التصويرية، ستكون محدودة لأن الجهود الذاتية أضحت حتميةً في ظل هذه الإمكانيات.

إصرار أمينة على إنتاج فيلم «تيتاوونج» يعود بشكل أساسي إلى رغبتها القوية في أن تصبح صانعة أفلام؛ هذه الرغبة التي مكّنتها من التغلب على هذه المخاوف، وإيجاد طرق بديلة لتسيير عملية الإنتاج وإنجاز الفيلم، وقد توّصلت حينها إلى مجموعة من الحلول للإشكاليات التي أفرزتها محدودية الميزانية؛ حيث قررت الاعتماد على الهواة والممثلين الجدد، فنشرت إعلانًا في جريدة الأهرام تطلب وجوهًا جديدة للمشاركة في فيلمها، ولجأت إلى تصوير الجزء الأكبر من المشاهد على سطح إحدى البنايات في شارع إبراهيم باشا (الجمهورية حاليًا)، واستكملت ما تبقى من المشاهد الداخلية وعملية تسجيل الصوت، في استديو مصر واستديو كاتساروس بمنطقة وسط البلد.

بالإضافة إلى تحدي الميزانية، اقتحمت أمينة هذا العالم على الرغم من أنها لم تحظ بفرص نجحت الرائدات الأخريات في الحصول عليها، قبل دخولهن إلى ساحة الإنتاج ومنها إلى الإخراج والتأليف؛ فهي لم تكن نجمة مسرحية مثل فاطمة رشدي، أو بطلة إحدى مسرحيات فرقة رمسيس التي يقودها الفنان يوسف وهبي مثل عزيزة أمير، ولم تقم ببطولة فيلم لاقى نجاحًا جماهيريًا وإشادة نقدية مثل بهيجة حافظ، وإنما هي امرأة عانت من أجل إثبات قدراتها التمثيلية، فتنقلت من فرقة مسرحية إلى أخرى، على أمل أن يتم تصعيدها إلى البطولة إلا أن مرادها لم يتحقق، ثم انتقلت إلى الرقص الشرقي حيث حققت نجاحًا كبيرًا وذاع صيتها، فتمكنت من الدخول إلى السينما عبر هذا المدخل، بعد أن تكرر اختيارها من قبل المخرجين والمنتجين لأداء وصلات الرقص في الأفلام، ثم قامت بأدوار صغيرة في عدد من الأعمال السينمائية، مثل «الدكتور فرحات – إنتاج العام 1935»، و«خفير الدرك – إنتاج العام 1936».

“فطنت أمينة إلى أن مبتغاها لن يتحقق إذا انتظرت أن يأتي به أحد إليها، فقررت الدخول إلى المعترك واقتناص الفرصة التي لم تجدها في المسرح”

التجربة الأكثر جرأة بين المخرجات الأوليات

على الرغم من أن تجربة أمينة محمد الوحيدة في الإخراج والإنتاج السينمائي، هي الأقل حظًا في الاهتمام والتأريخ بين تجارب الرائدات، فإن تجربتها تعد الأكثر جرأة لأنها شكلت فريقًا من الهواة وخلقت بينهم تناغمًا، رغم أن أغلبهم يخوضون تجربتهم الأولى في السينما، فضلًا عن أنها كمخرجة استخدمت أسلوب الـFlashback  أو ما يسمى بـ«الاسترجاع» في جزء من الفيلم، وهو قطع التسلسل الزمني لاستحضار مشهد أو مشاهد ماضية، لتكون من أوائل من استخدموا هذا الأسلوب في السينما المصرية والعالمية، وواحدةً من قلة تجرأوا على تنفيذه في تلك الفترة، خاصة أن استخدامه لأول مرة في السينما الناطقة لم يكن قد مر عليه وقت طويل، إذ كان المخرج الأمريكي روبن ماموليان أول من يستعمله بعد أن صاحب الصوت الصورة في السينما، من خلال فيلمه الناطق «شوارع المدينة» الذي صدر في إبريل من العام 1931.

لم تُخرِج أمينة فيلمًا آخر بعد «تيتاوونج» لأنها لم تستطع أن تنتج فيلمًا ثانيًا، حتى تتيح لنفسها هذه الفرصة التي لم تكن النساء يحصلن عليها في السينما طواعيةً في ذلك الوقت، وإنما ينتزعنها عبر بوابة الإنتاج. لكن شغفها بالإخراج جعلها المرأة الوحيدة بين مجموعة المخرجين المساعدين المصريين (18 فردًا)، في الفيلم الأمريكي التاريخي «الوصايا العشر» الذي أخرجه سيسيل ديميل، وصدر في أكتوبر من العام 1956.

الفقد والندرة يرجحان كفة تحليل المضمون

فيلم «تيتاوونج» من الأفلام المصرية التي لا يمكننا الجزم بفقدانها أو بندرة نسخها، في ضوء الالتباس الذي يحيط بحالة عدد كبير من الأفلام المصرية القديمة. وكان المخرج الراحل محمد كامل القليوبي المدير الأسبق للمركز القومي للسينما، قد صرح للصحافة في العام 2004، عقب بيع شركة فنون المملوكة للممثلة إسعاد يونس لنحو  800 فيلم مصري إلى شركة روتانا المملوكة للأمير السعودي الوليد بن طلال، قائلًا إن هناك أكثر من ألف فيلم مصري مفقود، وكثير منها تالف ومن الصعب استعادته.

وبالتالي، لا يمكن القطع بأن «تيتاوونج» ضمن المجموعة المفقودة أو أن نسخة منه موجودة بين ما اشتراه الوليد بن طلال من أفلام، أو ما اشتراه من قبله رجل الأعمال السعودي صالح كامل.

وبسبب تعذر الوصول إلى الفيلم، لن يكون بوسعنا تحليل خيارات أمينة كمخرجة للفيلم على مستوى الصورة، وسنكتفي بالنظر في النص الذي تحوّل إلى منتج بصري، وبتحليل الخطاب الكامن داخله.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن النسخ المتوّفرة من الأفلام التي صدرت خلال ثلاثينيات القرن الماضي، تكشف أن السمة الغالبة على الترجمة البصرية لنصوص الأفلام، كانت تنصب بشكل أكبر على إبراز حركة الممثلات والممثلين وتعبيراتهم، إلى جانب تعريف الجمهور بالمكان الذي تدور فيه الأحداث، والأشياء التي يتحدث عنها أو يصفها الممثلات والممثلون، ولذلك غلب استخدام اللقطات المتوسطة والقريبة، بحركة بسيطة للكاميرا عادةً ما تكون أفقية إلى اليمين وإلى اليسار.

“تقع الأفلام التي أخرجتها عزيزة أمير وفاطمة رشدي وبهيجة حافظ، بالإضافة إلى أمينة محمد، ضمن الأفلام النادرة أو المفقودة، مما يجعل كفة تحليل النص والمضمون أرجح من كفة تحليل سيميولوجيا الصوت والصورة، فضلًا عن أن التقنيات البصرية وخيارات التصوير كانت محدودة، بسبب بدائية أدوات التصوير السينمائي في ذلك الوقت.”

«تيتاوونج»: التزام بالنسق الميلودرامي.. ورجال العائلة المصدر الأول للعنف في حيواتهن

إلى جانب إنتاج الفيلم وتوزيعه عبر شركة صغيرة، أسستها تحت اسم «أفلام أمينة محمد»، كتبت أمينة قصة «تيتاوونج» واشتركت مع السيد بدير وأحمد كامل مرسي والسيد حسن جمعة ونسيم عمّار، في كتابة السيناريو والحوار. كما تدّخلت في مختلف عمليات صناعة الفيلم، حتى اكتمل واستقبلته داري عرض كوزموغراف في القاهرة والإسكندرية في الـ25 من مارس في العام 1937.

أمام الشاشة، قامت أمينة بدور البطلة، وهي فتاة تدعى موللي وُلِدَت لأب مصري وأم صينية، بينما اختارت لدور البطل الممثل الشاب حينها حسين صدقي، وقد أدى في الفيلم دور الجار الذي تجمعه بالبطلة قصة حب، وأسندت دور الأم إلى إستر شطاح، ودور العم المبتز إلى عبد السلام أحمد الشريف (كُتِب اسمه على الأفيشات: أحمد الشريف)، ودور الأب إلى السيد حسن جمعة.

تدور أحداث الفيلم حول فتاة تدعى موللي، ابنة لأم صينية وأب مصري، إلا أن هذه ليست الحقيقة الكاملة، إذ يتبين أن الأم قد خدعت زوجها والمحيطين بإدعاء أن موللي ابنته بينما هي ابنتها من رجل آخر، وبعد أن يكتشف شقيق الزوج هذا السر، يتخذه ذريعة لابتزاز الأم ماديًا، ويستمر على هذا الحال إلى أن يموت الأب، ويصبح هو الواصي على ميراث ابنته.

تقود الأحداث موللي إلى معرفة السر أيضًا، لتجد نفسها أسيرةً لابتزاز العم عقب وفاة الأب ومن بعده الأم، ويزداد الأمر سوءًا بعد أن يبدد ميراث أخيه في سهراته بالملاهي الليلية وخساراته في القمار الذي يدمنه، فيقرر أن يستغلها لتعوضه عن المال الذي أهدره، ويرغمها على العمل كراقصة بأحد الملاهي، لتُعرَف بعدها باسم «تيتاوونج».

على هامش هذه الحياة التعيسة، تنشأ قصة حب بين موللي ومحسن جارها الذي يدرس القانون، وتصبح قضيته الكبرى بعد امتهان المحاماة هي الدفاع عنها عقب اتهامها بقتل عمها.

يسعى المحامي الشاب خلال جلسات المحاكمة إلى إثبات براءة البطلة من تهمة القتل وكشف حقيقة ما حدث، وهو دفاعها عن نفسها بعد أن اقتحم العم غرفتها ليقتلها بسكين، بعد أن علم بأنها على علاقة عاطفية بهذا الشاب وقد يفقدها كمصدر للمال، فما كان منها إلا أن دفعته بقوة، فسقط سكينه وسقط هو فوقه، لينغرس في صدره.

في النهاية، تنكشف الحقيقة ويتم تبرئة موللي (تيتاوونج)، بفضل شهادة إحدى العاملات بالملهى، والتي أدت دورها الراقصة حكمت فهمي. وكان الجزء الخاص بجلسات المحاكمة واستعادة الجريمة وتفاصيلها، هو الذي استخدمت فيه أمينة محمد أسلوب الاسترجاع (Flashback).

مضت أمينة بفيلمها «تيتاوونج» في الاتجاه الميلودرامي السائد في السينما المصرية حينذاك، مع اقترابها قليلًا من أفلام الإثارة. وبالنظر إلى الأفلام التي أخرجتها الرائدات، فقد كانت الميلودراما سمةً مشتركة، ورغم المبالغة التي اتسمت بها هذه الأفلام على مستويات عديدة، فقد نجحت مخرجاتها في استثمار هذا الخط لإظهار حجم القمع الذي تعانيه النساء في المجال الخاص، ولإبراز فداحة العنف الذي يمارسه بحقهن أفراد عائلاتهن من الذكور.

في «تيتاوونج»: الاستبداد الذكوري شبكة تتسع وتتمدد

بالمنطق الميلودرامي، يرتكز «تيتاوونج» على ثنائية الخير والشر، والصراع بين من يجسد كل منهما، لينتهي بانتصار الأول متمثلًا في تبرئة الشخصية الرئيسة، بينما يُمثّل العم مصدر الشر والأذى في حياة البطلة التي تجهل من يكون أبيها الحقيقي، وتعاني من اليتم، ثم الابتزاز والاستغلال، فالاتهام بالقتل والزج بها في السجن، إلى أن تتبدل الأحوال وتستعيد حقها في الحياة، بعد أن تتحقق العدالة.

في أفلام المرحلة المبكرة من السينما، كانت الملاهي الليلية هي البيئة المكانية التي اعتاد المخرجون على اللجوء إليها بنمطية للتدليل على الضياع والفساد واللهو والتيه، وما يسترعي الانتباه في «تيتاوونج» تحديدًا، هو أن الرمزية ذاتها استخدمتها صانعته أمينة محمد، وهي واحدة من أشهر الراقصات حينها، وكانت تقدم فقرات الرقص في ملاهٍ وكازينوهات في مصر ودول أوروبية. ورغم ذلك، لم تقدم صورة مغايرة عن السائدة وإنما مضت في الطريق نفسه.

من ناحية أخرى، كان الملهى في «تيتاوونج» ساحة استغلتها أمينة لإبراز الإيذاء النفسي والاستغلال الجنسي، الذين تتعرض لهما النساء على أيدي رجال ينظرون إليهن كسلع ليس أكثر. كما ربطت بين العنف ضد المرأة في المجال الخاص وامتداده إلى المجال العام، عندما جعلت دخول البطلة إلى هذا المكان الذي تعايش فيه الإذلال والقهر، يأتي بدفع من أحد رجال العائلة وهو العم.

نهاية ترضي المجتمع: بـ«التفوق الذكوري» يتحقق العدل

ما يجمع بين الشخصيتين النسائيتين المحوريتين في «تيتاوونج»، هو أن كلتيهما رزحتا تحت التسلط الذكوري وعانتا من خذلان واستغلال؛ فالأم تحمّلت مسؤولية حماية نفسها وابنتها من الوصم في ضوء اختفاء الأب الفعلي لها، تاركًا إياها تتحمل العبء وحيدةً، لتصبح هي من ارتكب «الخطيئة» وحدها وتستحق أن تحمل «الوزر» منفردةً. ثم ينتقل الوزر من الأم إلى ابنتها التي ينوء كاهلها بتجبر العم وبغيه.

وإن كان قد ظهر أغلب الذكور في الفيلم مصدرًا للاستبداد في حياة الشخصيات النسائية، فقد بدا البطل منزهًا عن الأخطاء، تتجسد فيه شتى الصفات الحسنة، من طموح، وذكاء، وصدق، إلى حد جعل من المستحيل أن تخرج البطلة من أزمتها من دونه، وجعل قضيتها مطيةً لإثبات كفاءته، ليُبطن انتصار الحق في النهاية احتفاءً بالتميز الذكوري الساكن في المُتخيل الاجتماعي.

لقد جاءت براءة موللي بعد اجتهاد من محسن المحامي الذي يحبها، لينتهي الفيلم بانتصار الخير والحب معًا؛ هذا الانتصار الذي يحمل بين طياته رسالة مفادها أن الظلم الذي يرتكبه رجال بحق النساء، الخلاص منه يأتي بدعم ومساندة رجال آخرين، وهو ما حظيت به موللي أو تيتاوونج. في المقابل، لم تنل الأم مثل هذا الدعم أو المساندة الذكورية فكان القهر رفيقها طوال حياتها.

النهايات في أفلام الرائدات..

بمقارنة هذه النهاية مع نهايات الأفلام التي أخرجتها بقية الرائدات – باستثناء «فيلم ليلى بنت الصحراء» لبهيجة حافظ- ستبدو نهاياتهن أفضل بالنظر إلى ما حملته من رسائل واضحة تعلن السأم من هذا الواقع الذي يملؤه الذكور جورًا وقمعًا واضطهادًا، يبدأ في المجال الخاص ويتجاوز إلى العام عبر قيم مجتمعية معظمها تشرعنه القوانين. فقد جاء موت الشخصية الرئيسة نهايةً في ثاني فيلم أخرجته عزيزة أمير وهو «كفري عن خطيئتك – إنتاج العام 1933»، وفي أول فيلم أخرجته بهيجة حافظ وهو «الضحايا – النسخة الناطقة في العام 1935»، وفي الفيلم الوحيد الذي أخرجته فاطمة رشدي وهو «الزواج – إنتاج العام 1933»، ليدلل على انسداد السبل والأفق، وضياع الأمل في الخلاص من العنف أو مرتكبيه، ولتُبرهِن المخرجات الثلاث على أن معاناة النساء من الهيمنة الذكورية غير مرئية وأنينهن غير مسموع.

بشكل أو بآخر، فإن تفضيل الرائدات للميلودراما والتراجيديا في الأفلام التي أخرجنها، لعب دورًا في عدم اتجاههن إلى تقديم معالجات سينمائية لقضايا نسوية فرضت نفسها في تلك الحقبة، ومن بينها: تعليم الفتيات لا سيما بعد التحاق أول دفعة من الطالبات بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) في العام 1929، ومشاركة النساء في ثورة 1919، والخروج إلى المجال العام بالأخص بعد تأسيس جمعيات نسائية عديدة.

الحلقات السابقة:

الحلقة الأولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة