في دساتير العالم والقوانين، لا يوجد أي نص يشير لمنصب اسمه “السيدة الأولى” كتعريف لزوجة الرئيس، إلا أنه أصبح مصطلحًا أو لقبًا دارجًا تحصل عليه زوجة رئيس الدولة.
من أين جاء اللقب، ومن أول من نالت اللقب؟ وهل هو حكر على زوجات الرؤساء أم نالته أخريات؟
نستكشف قصة هذا اللقب، بدايته عالميًا وقصته في مصر:

نشأة اللقب عالميًا

يعتبر الرئيس الأمريكي “زكاري تايلور” هو أول من استخدم هذه اللقب 1849 واصفًا به دولى ماديسون (زوجته) في جنازتها تقديرًا لها وبالفعل أطلق الناس عليها السيدة الأولى.
ومن هنا بدأ الجميع يطلق اللقب على زوجة كل رئيس أمريكي، وانتقل اللقب بعد ذلك من أمريكا إلى كل دول العالم على اختلاف أنظمتها السياسية سواء: أميرى أو ملكى أو جمهورى.
وجرى العرف أن تجاور السيدة الأولى الرئيس في المحافل الدولية إلى جانب قيامها بالعديد من النشاطات الاجتماعية والثقافية، فضلًا عن المساحة الإعلامية التي تخصص لها داخليًا وخارجيًا للمشاركة في المنتديات الدولية التي تعقدها السيدات الأوائل ويتناولن فيها أهم القضايا المعاصرة المعنية ببلدانهم.
فى المقابل بعض البلدان مثل بريطانيا صاحبة الديمقراطية العريقة، لاتعترف باللقب بل وتعتبره لقبًا لا داعى له ولا ينص عليه دستور أو قانون أو حتى عرف وتقاليد.

أطلقه المصريون على “الست”

786324673332274

تقديراً وحباً لها ولمجهوداتها العظيمة في حرب الاستنزاف بعد نكسة 1967، فى جمع الأموال سواء داخل مصر وخارجها من أجل التمويل الحربي ولكثرة نشاطها الاجتماعي والثقافي واعتنائها بقضايا الأيتام من خلال تدشينها لمشروع اجتماعي ضخم يرعى مصالحهم، اختار الشعب المصرى أن يطلق اللقب على “أم كلثوم” ولم تفرضه قواعد أو نظام سياسي.

“أم كلثوم” اشتهرت بأعمالها الوطنية كما كانت سفيرة في وقت الحرب مثلت مصر وقتها فاستحقت هذا اللقب وظلت هي سيدة مصر الأولى في عهد الرئيس جمال عبد الناصر ولم يزعج ذلك زوجة الرئيس السيدة “تحية كاظم” بل كانت دائماً وعلى طول الخط منزوية بعيدًا عن الأضواء ولم تسع أبداً لنيل اللقب.
قبل “تحية” كانت “عائشة لبيب” زوجة الرئيس نجيب وهى الأخرى ظلت بعيدة عن الأضواء وظهورها كان محدوداً، يرتبط فقط باستقبال زوجات الحكام وكبار المسؤولين لذلك لم يلاحقها اللقب ولم تلاحقه هى الأخرى.

 

977344572311267 تحية عبد الناصر

جيهان السادات.. السيدة الأولى بالمفهوم الغربي

عقب تولي الرئيس السادات الحكم، بدأت زوجته “جيهان السادات” تتطلع لتطبيق اللقب بصورته المتعارف عليه دوليًا “زوجة الرئيس”، وعلى إثر ذلك الطموح، اختفى المشروع الخيرى الذى دشنته السيدة الأولى وقتذاك “أم كلثوم” وظهر مكانه جمعية “النور والأمل” التى ترأستها “جيهان السادات” ومن ثم بدأت عملها الاجتماعي والثقافي في المدن والريف، لينتقل اللقب إليها “السادات” وباتت تظهر بصلاحيات اجتماعية وأنشطة داخل مصر وخارجها وكان لها حضورها القوي، فضلًا  عن دورها فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، إلى حد الذي جعل المعارضون، يطلقون عليه “قانون جيهان”.

256459602620453

سوزان مبارك .. حولته إلى منصب واسع الصلاحيات

466760053765029

تحول اللقب إلى منصب سياسي خلال فترة حكم الرئيس “مبارك” ومع بداية حكمه، قامت “سوزان ثابت” بعدة مشروعات، مثل؛ الهيئة العامة للكتاب محققة بذلك أمنية الكاتب الراحل توفيق الحكيم والحملة القومية “القراءة للجميع”، وأولت اهتمام بقضية محو الامية، علاوة على تبنيها مشروعات ومبادرات، منها” لا للختان”.
وعلى الرغم من البريق الذي صاحب هذه المشروعات، فقد ظلت مربوطة باسم السيدة الأولى، وجودها وأنشطتها ومستقبلها مرتبط بالسيدة الأولى.
فى ظل مدة حكم طويلة للرئيس الأسبق قاربت الــ30 سنة، وسعت من صلاحياتها وتعدى الأمر مجرد المبادرات والمشروعات المجتمعية.

ماذا بعد الثورة؟

قامت ثورة يناير في العام 2011،  ومحت بدروها لقب السيدة الأولى وجاءت الانتخابات الرئاسية في العام 2012، ليؤكد المرشحون الثلاثة عشر، أن مسألة وجو دسيدة أولى بصلاحية واسعة سياسية اجتماعية لم تعد مقبولة ولم يعد لها مكان، وقال المرشح  “عمرو موسى” إن اللقب في أصله مستورد، ودخول زوجة الرئيس في حلبة السياسة أو في مسارات الحكم مسألة فيها خطأ كبير جدًا، واتفق معه في الرأي “حمدين صباحي”  الذي رأى أن زوجة الرئيس يجب عليها أن تمارس دورها في الحياة، كما كانت قبل أن يكون زوجها رئيسًا.
بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين، وتولي المستشار “عدلي منصور” زمام الأمور، اختفى اللقب، فلم تظهر زوجته فى أي مناسبة اجتماعية أو سياسية.